ورواه ابن أبي حاتم من وجه آخر فقال : حدثنا أبو خلاد وسليمان بن خلاد المؤدب ، حدثنا محمد الرفاعي عن زياد بن الجصاص ، عن أبي عثمان النهدي ، قال : لم يكن أحد أكثر مجالسة مني لأبي هريرة ، فقدم قبلي حاجا وقدمت بعده ، فإذا أهل البصرة يؤثرون عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الله يضاعف الحسنة ألف ألف حسنة» فقلت : ويحكم ما كان أحد أكثر مجالسة مني لأبي هريرة ، وما سمعت منه هذا الحديث ، فهممت أن ألحقه فوجدته قد انطلق حاجا ، فانطلقت إلى الحج أن ألقاه في هذا الحديث ، ورواه ابن أبي حاتم من طريق أخرى فقال : حدثنا بشر بن مسلم ، حدثنا الربيع بن روح ، حدثنا محمد بن خالد الذهبي ، عن زياد الجصاص ، عن أبي عثمان قال : قلت : يا أبا هريرة سمعت إخواني بالبصرة يزعمون أنك تقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة» فقال أبو هريرة : والله بل سمعت نبي الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله يجزي بالحسنة ألفي ألف حسنة» ثم تلا هذه الآية (فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ) [التوبة : ٣٨].
وقوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) يقول تعالى مخبرا عن هول يوم القيامة وشدة أمره وشأنه ، فكيف يكون الأمر والحال يوم القيامة حين يجيء من كل أمة بشهيد ، يعني الأنبياء عليهمالسلام ، كما قال تعالى : (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَوُضِعَ الْكِتابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ) [الزمر : ٦٩] ؛ وقال تعالى : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) [النحل : ٨٤] ، وقال البخاري (١) : حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا سفيان عن الأعمش ، عن إبراهيم عن عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم «اقرأ علي» فقلت : يا رسول الله أقرأ عليك ، وعليك أنزل؟ «قال نعم إني أحب أن أسمعه من غيري» فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) فقال «حسبك الآن» فإذا عيناه تذرفان ، ورواه هو ومسلم أيضا من حديث الأعمش به ، وقد روي من طرق متعددة عن ابن مسعود فهو مقطوع به عنه ورواه أحمد من طريق أبي حيان وأبي رزين عنه.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثنا الصلت بن مسعود الجحدري ، حدثنا فضيل بن سليمان ، حدثنا يونس بن محمد بن فضالة الأنصاري عن أبيه ، قال : وكان أبي ممن صحب النبي صلىاللهعليهوسلم : إن النبي صلىاللهعليهوسلم أتاهم في بني ظفر ، فجلس على الصخرة التي في بني ظفر اليوم ، ومعه ابن مسعود ومعاذ بن جبل وناس من أصحابه ، فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم قارئا فقرأ حتى أتى على هذه الآية (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) فبكى رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى اضطرب لحياه وجنباه ، فقال : «يا رب ، هذا شهدت على من أنا بين
__________________
(١) صحيح البخاري (فضائل القرآن باب ٣٢)