جندب البقرة بسيفه ضربة بعد ولوج الساحر فيها فصادف منها الفقار فجزلها جزلتين ؛ فلم يظهر الساحر بعدها.
وكان قد قال ـ النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى حقه «جندب رجل من أمتى يضرب ضربة يبعث بها أمة وحده (١). وإذ دل عليه السمع والعقل لا يحيله فلا سبيل إلى منعه ، وتأويل ما ورد فيه من السمعيات من غير دليل
وإن قلتم بالسّحر فما المانع أن يكون ما أتى به من أنواع السحر الغريبة وقد استأثر بعلمه وعمله دون غيره.
[الشبهة] السابعة عشرة : سلّمنا امتناع السحر فى نفسه غير أنّه لا سبيل إلى إنكار الطلاسم الغريبة المؤثرة التأثيرات العجيبة.
وعند ذلك : فلا مانع أن يكون قد استأثر ذلك الشخص بمعرفة نوع من أنواع الطّلسمات المؤثرة بعض التأثيرات الغريبة / / المعجزة بحيث يعجز عن مثله من هو فى عصره ، أو أن يكون ذلك الخارق تابعا لخاصية بعض أنواع المركبات إذ الخواص لها من التأثيرات غرائب وعجائب كتأثير خاصية المغناطيس فى جذب الحديد ، والكهرباء فى جذب التبن وغيره ؛ فيكون ذلك الشخص عالما بتركيب ذلك النوع دون غيره ، ومع هذا الاحتمال فلا يبقى الوثوق بصدقه فى كونه رسولا.
[الشبهة] الثامنة عشرة : سلمنا أنه ليس من فعله ، غير أن دلالته على صدقه متوقفة على فعله ، وذلك لأن ما أتى به لو تجرد عن التحدى بالنبوة ؛ لم يكن دليلا على صدقه ، وإن كان لا دلالة دون التحدى ، والتحدى من فعله ؛ فلا يكون دليلا على صدقه.
[الشبهة] التاسعة عشرة : سلمنا أنه لا أثر لفعله مطلقا ؛ ولكن ما المانع أن يكون ذلك من فعل بعض الملائكة ، أو الشياطين ، أو أنه مستند إلى الاتصالات الكونية
__________________
(١) جندب : جندب بن زهير الأزدى الغامدى [الاصابة فى تمييز الصحابة لابن حجر ١ / ٢٧٠ ـ باب ج ـ ن (رقم ١٣٤٦) الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨ ه] وهو جندب الخير الأزدى قاتل الساحر. قال بن حبان : أبو عبد الله الأزدى الغامدى صحابى روى بن السكن من حديث بريدة أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم قال : «يضرب ضربة واحدة فيكون أمة وحده». انظر فتح المجيد شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ـ ط دار الفكر بلبنان. ص ٢٩١ وما بعدها ففيه معلومات مفيدة عن هذه المسألة. وانظر أيضا : (تيسير العزيز الحميد فى شرح كتاب التوحيد) ـ للشيخ سليمان بن عبد الله ص ٣٤٠ وما بعدها. (وكتاب السحر بين الحقيقة والخيال) ـ تأليف ـ د. أحمد الناصر ط ١٤٠٨ ه ص ١٦٥ وما بعدها.
/ / أول ل ٧٤ / أمن النسخة ب.