بل حاصل ذلك عندهم
يرجع إلى تخيل صور ، وأصوات لا وجود لها فى أنفسها كما يتخيله النائم والمجنون كما
ذكروه آخرا ؛ ويلزم من ذلك عود التّكاليف والشّرائع وبعثة الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ إلى خيالات فاسدة لا أصل لها. ولو كان الواحد منا مشرعا
، وآمرا ، وناهيا من قبل نفسه وإن كان موافقا للمصالح العقليّة لما كان نبيا ، ولا
متبعا بموافقة منهم ، فما ظنك بما هو عائد إلى خيال لا أصل له مع كونه غير معقول ،
ولا موافق للمصالح العقليّة.
أما
المذهب الثانى : القائل بأن النّبوة علم الإنسان بنبوته ، والنّبي هو العالم بنبوّته ؛ ففى
غاية الخبط والتخليط ؛ لأنه إما أن يكون العلم بالنّبوّة هو النّبوّة ، أو غيرها.
فإن كان الأول :
فهو فاسد ؛ إذ العلم بالشيء غير الشيء المعلوم ، فالعلم بالنّبوة غير النّبوة.
وإن كان الثانى :
فما ذكروه لا يكون هو النّبوة.
وأما
المذهب [الثالث]
:
القائل بأن
النّبيّ هو العالم بربّه ، والنّبوة علم الانسان بربه ، والنبوة علم الانسان بربّه
، ففاسد أيضا ؛ إذ يلزم منه أنّ كل من علم وجود ربه ، وما يجوز عليه ، وما لا يجوز
بالدليل أو بأن يخلق الله ـ تعالى ـ له العلم الاضطرارى بذلك ؛ أن يكون نبيا ؛
وليس كذلك بالاتّفاق. ثم ولو كان كذلك ؛ لما كان جعل البعض داعيا ، والبعض مدعوا ،
أولى من العكس.
وأما
المذهب الرابع : ففاسد أيضا. فإنّ صحة السّفارة مبنيّة على تحقيق النّبوة ، والمبنى على الشيء
غير الشيء ، ولأنّ النّبوّة قد ثبتت عند التّحدى ودلالة المعجزة على صدق المتحدّى
، وان لم توجد السفارة بعد.
فإذن الحق : ما
ذهب إليه أهل الحق من الأشاعرة ، وغيرهم / من أن النّبوّة ليست راجعة إلى ذاتىّ من
ذاتيّات النّبي ، ولا إلى عرض من أعراضه المكتسبة له ؛ لما سبق.
بل هى موهبة من
الله ـ تعالى ـ ونعمة منه على عبده ، وحاصلها يرجع إلى قول الله ـ عزوجل ـ لمن اصطفاه من عباده. أرسلتك ، وبعثتك فبلغ عنّى ، ولا
يلزم على ما
__________________