[خروج المبرقع بفلسطين]
وفيها خرج بفلسطين أبو حرب (١) ، الّذي زعم أنّه السّفيانيّ ، فدعا إلى الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أولا ، إلى أن قويت شوكته ، واستفحل أمره. وسبب خروجه أنّ جنديا أراد النزول في داره فمانعته أهل المبرقع ، فضربها بسوط أثّر في ذراعها.
فلمّا جاء زوجها بكت وشكت إليه ، فذهب إلى الجنديّ وقتله ، وهرب. ولبس برقعا لئلّا يعرف.
ونزل الجبال بجبال الغور (٢) مبرقعا ، فكان يأتيه الرجل ، فيحثّه على الأمر بالمعروف ويعيب الدّولة. فاستجاب له قوم من فلّاحي القرى ، وادّعى أنّه أمويّ ، وتكاثف الأمر ، فسار لحربه رجاء الحصاريّ (٣) أحد قوّاد المعتصم في ألف فارس ، فأتاه فوجده في زهاء مائة ألف. فعسكر بحذائه ، ولم يجسر على لقائه. فلمّا كان أوان الزّراعة تفرّق أكثر أولئك في فلاحتهم ، وبقي في نحو ألفين ، فواقعه رجاء (٤).
وكان المبرقع بطلا شجاعا ، فحمل على العسكر ، فأفرجوا له ، ثمّ أحاطوا به ، فأسروه وسجنوه ، فمات في آخر هذه السنة ، وقيل : خنقوه.
[ذكر فتنة القيسيّة بدمشق]
وفيها بعث المعتصم على دمشق الأمير أبا المغيث الرافقيّ ، فخرجت عليه
__________________
(١) المعرفة والتاريخ ١ / ٢٠٧ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٨٠ ، تاريخ الطبري ٩ / ١١٦ ، العيون والحدائق ٣ / ٤٠٨ ، تجارب الأمم ٦ / ٥٢٦ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٥٢٢ ، تاريخ حلب للعظيميّ ٢٥٢ ، تاريخ الزمان لابن العبري ٣٥ ، نهاية الأرب ٢٢ / ٢٥٩ ، والنجوم الزاهرة ٢ / ٢٤٨ ، ٢٤٩ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٩٥ ، والبدء والتاريخ ٦ / ١١٩ وفيه : «وخرج عليه أبو حرب المبرقع بالشأم ، فوجّه إليه جيشا فقتلوا من أصحابه عشرين ألفا ، وحملوه إلى المعتصم وهو بسرّ من رأى وصلبوه ، وكان يقول بتناسخ الأرواح».
(٢) جبال الغور بالأردنّ.
(٣) هكذا في الأصل ، والعيون والحدائق ٣ / ٤٠٨ بالصاد المهملة ، وفي بقية المصادر بالضاد المعجمة.
(٤) العيون والحدائق ٣ / ٤٠٨.