وكان المصريون مشركين يعبدون البهائم «خر ٨ : ٢٦».
فلما رأى موسى الذي من شيعته في الدين مع الذي من عدوه في الدين يقتتلان حسن منه دفاع المشرك عن الموحد فوكزه فقضى عليه. ولا يتبين من الآية انه وكزه ليقتله بل سوقها يعطي انه أراد به مجرد الضرب للدفاع فصادف قتله خطأ فيجوز في نفس الواقعة أن يكون دفاع موسى للقبطي جائزا ، ويجوز أيضا أن يكون قتله جائزا ولو لأجل دفاع عابد الوثن عن الموحد خصوصا والعادة تقضي أن يكون القبطي هو الظالم المعتدي لكون بني اسرائيل حينئذ تحت عبودية المصريين القاسية وهذا الدفاع والقتل كان على حين غفلة من أهل المدينة يمكن ستره في وقته بحيث لا يتعقبه ضرر فعلي ليكون حراما من هذه الجهة ، ولكن كان الأفضل لموسى تركه سترا على نفسه المقدسة أو على بني اسرائيل من تجسس المصريين وتهمتهم أو اخبار الإسرائيلي إذا غضب وساء خلقه ، فلما مات القبطي وعلم موسى انه وقع في خلاف الأفضل قال انه من عمل الشيطان يعني اغواء المصري على العدوان أو اغواء الإسرائيلي على المقاومة أو إقدامه على خلاف الأفضل ليثير الشيطان شر المصريين على بني اسرائيل فقال على وتيرة الصديقين الذين يفزعون من تركهم الأفضل (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) ليعود إلى مقامه الرفيع فغفر له. وأما قوله (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) فلا دلالة فيه على أنه فعل حراما لأنا قد قدمنا في الفصل الثاني من عصمة نوح أن المعنى الموضوع له لفظ الضلال بل والمستعمل فيه غير مختص بمعصية الله ومخالفة أمره ونهيه اللازمين بل هو إضاعة الطريق ويختلف بإختلاف متعلقه.
ومن الواضح أن النبي بعد أن يهديه الله بنور النبوة إلى الحق اليقين. ويكشف له بمشاهداتها عن أسرار اللاهوت والملكوت يرى أنه كان قبلها كالميت الذي أحياه الله.
والجماد الذي نعشه بروح القدس فيحق له أن يصف حاله فيما قبلها بالضلال الذي هو اضاعة الطريق عما اهتدى إليه بنور الوحي.
فالظاهر من سوق الآية وما قبلها ان موسى لما أخبر فرعون بأنه رسول