الاحكام الخاصة التي كانت في شريعة موسى وخفف ثقلها الباهظ وبدلت شدتها بسهولة الراحة والإباحة ، وهذا من وادي النسخ الذي يقول به المسلمون. ولا يشك فاهم أو غبي في ان أحكام التوراة قد بدلت في النصرانية الرائجة في الصورة والماهية وهم يقولون ان ذلك بوحي من الله وعليه فهو النسخ الذي يقول به المسلمون.
وهبنا قلنا ما يقوله المتكلف «يه ٤ ج ص ١٨٤» ان الشريعة الموسوية بمنزلة البذر والمسيحية بمنزلة الشجرة والثمرة ، وان المسيحية جوهر الموسوية وفذلكتها ولكننا لا نخادع عقولنا ووجداننا ونقول انها هي من حيث الاحكام ولا نكون من هذا اضحوكة بقولنا ، وعلى كل حال فإن كتاب الله منزه عن الناسخ والمنسوخ.
فاصغ لما نتلوه عليك من الكتب التي ينسبونها الى الله والوحي واحفظ ما ذكرناه لك في معنى النسخ الذي نقول به وحاسبهم حسابا يسيرا وجادلهم بالتي هي احسن.
ولنذكر لك مما جاء في كتب وحيهم مما لا محيص عن كونه بمعنى النسخ الذي نقول به ، وإن أبوا تسميته نسخا.
ثم نذكر لك أيضا من كتب وحيهم موارد كثيرة لا يسميها المسلمون في الاصطلاح الغالب نسخا ولكنها يرد عليها كلما اعترض به اليهود والنصارى على النسخ فاستمع لذلك إن شاء الله.
١ ـ الناسخ والمنسوخ في شريعة نوح
بمقتضى نقل التوراة جاء في سابع التكوين «٢ و ٨» وكذا الثامن ٢٠ ان الله ذكر لنوح قبل الطوفان البهائم الطاهرة والتي ليست بطاهرة والمراد من غير الطاهرة ما لا يجوز أكله ولا تقديمه للقرابين والمحرقات.
ثم جاء في تاسع التكوين في ذكر ما بعد الطوفان عن قول الله لنوح ٣ كل دابة حية تكون لكم طعاما كالعشب الأخضر ، وهذا يدل على جواز الأكل لكل دابة حية بخلاف الشريعة السابقة.