(رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٣٨)
____________________________________
(رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) بدل من ربك وقوله تعالى (الرَّحْمنِ) صفة له وقيل صفة للأول وأيا ما كان ففى ذكر ربوبيته تعالى للكل ورحمته الواسعة إشعار بمدار الجزاء المذكور وقوله تعالى (لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً) استئناف مقرر لما أفاده الربوبية العامة من غاية العظمة والكبرياء واستقلاله* تعالى بما ذكر من الجزاء والعطاء من غير أن يكون لأحد قدرة عليه وقرىء برفعهما فقيل على أنهما خبران لمبتدأ مضمر وقيل الثانى نعت للأول وقيل الأول مبتدأ والثانى خبره ولا يملكون خبر آخر أو هو الخبر والرحمن صفة للأول وقيل لا يملكون حال لازمة وقيل الأول مبتدأ والرحمن مبتدأ ثان ولا يملكون خبره والجملة خبر للأول وحصل الربط بتكرير المبتدأ بمعناه على رأى من يقول به والأوجه أن يكون كلاهما مرفوعا على المدح أو يكون الثانى نعتا للأول ولا يملكون استئنافا على حاله ففيه ما ذكر من الإشعار بمدار الجزاء والعطاء كما فى البدلية لما أن المرفوع أو المنصوب مدحا تابع لما قبله معنى وإن كان منقطعا عنه إعرابا كما فصل فى قوله تعالى (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) من سورة البقرة وقرىء بجر الأول على البدلية ورفع الثانى على الابتداء والخبر ما بعده أو على أنه خبر لمبتدأ مضمر وما بعده استئناف أو خبر ثان أو حال وضمير لا يملكون لأهل السموات والأرض أى لا يملكون أن يخاطبوه تعالى من تلقاء أنفسهم كما ينبىء عنه لفظ الملك خطابا ما فى شىء ما والمراد نفى قدرتهم على أن يخاطبوه تعالى بشىء من نقص العذاب أو زيادة الثواب من غير إذنه على أبلغ وجه وآكده وقيل ليس فى أيديهم مما يخاطب الله به ويأمر به فى أمر الثواب والعقاب خطاب واحد يتصرفون فيه تصرف الملاك فيزيدون فيه أو ينقصون منه (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا) قيل الروح خلق أعظم من الملائكة وأشرف منهم وأقرب من رب العالمين وقيل هو ملك ما خلق الله عزوجل بعد العرش خلقا أعظم منه عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه إذا كان يوم القيامة قام هو وحده صفا والملائكة كلهم صفا وعنه عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال الروح جند من جنود الله تعالى ليسوا ملائكة لهم رؤس وأيد وأرجل يأكلون الطعام ثم قرأ (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ) الآية وهذا قول أبى صالح ومجاهد قالوا ما ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد منهم نقله البغوى وقيل هم أشراف الملائكة وقيل هم حفظة على الملائكة وقيل جبريل عليهالسلام وصفا حال أى مصطفين قيل هما صفان الروح صف واحد أو متعدد والملائكة صف وقيل صفوف وهو الأوفق لقوله تعالى (وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) وقيل يقوم الكل صفا واحدا ويوم ظرف لقوله تعالى (لا يَتَكَلَّمُونَ) وقوله تعالى (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) بدل من ضمير* لا يتكلمون العائد إلى أهل السموات والأرض الذين من جملتهم الروح والملائكة وذكر قيامهم واصطفافهم لتحقيق عظمة سلطانه وكبرياء ربوبيته وتهويل يوم البعث الذى عليه مدار الكلام من