(وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (٤٥) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٦) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤٧) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨) لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (٤٩) فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) (٥٠)
____________________________________
به والانتقام منه أن تكل أمره إلى وتخلى بينى وبينه فإنى عالم بما يستحقه من العذاب ومطيق له والفاء لترتيب الأمر على ما قبلها من أحوالهم المحكية أى وإذا كان حالهم فى الآخرة كذلك فذرنى ومن يكذب بهذا القرآن وتوكل على فى الانتقام منه وقوله تعالى (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ) استئناف مسوق لبيان كيفية التعذيب* المستفاد من الأمر السابق إجمالا والضمير لمن والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد فى يكذب باعتبار لفظها أى سنستنزلهم إلى العذاب درجة فدرجة بالإحسان وإدامة الصحة وازدياد النعمة (مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) أنه استدراج وهو الإنعام عليهم بل يزعمون أنه إيثار لهم وتفضيل على المؤمنين مع أنه سبب لهلاكهم (وَأُمْلِي لَهُمْ) وأمهلهم ليزدادوا إثما وهم يزعمون أن ذلك لإرادة الخير بهم (إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) لا يوقف عليه ولا يدفع بشىء وتسمية ذلك كيدا لكونه فى صورة الكيد (أَمْ تَسْئَلُهُمْ) على الإبلاغ والإرشاد (أَجْراً) دنيويا (فَهُمْ) لأجل ذلك (مِنْ مَغْرَمٍ) أى غرامة مالية (مُثْقَلُونَ) مكلفون حملا* ثقيلا فيعرضون عنك (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) أى اللوح أو المغيبات (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) منه ما يحكمون ويستغنون به عن علمك (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) وهو إمهالهم وتأخير نصرتك عليهم (وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ) أى يونس عليهالسلام (إِذْ نادى) فى بطن الحوت (وَهُوَ مَكْظُومٌ) مملوء غيظا والجملة حال من ضمير* نادى وعليها يدور النهى لا على النداء فإنه أمر مستحسن ولذلك لم يذكر المنادى وإذ منصوب بمضاف محذوف أى لا يكن حالك كحاله وقت ندائه أى لا يوجد منك ما وجد منه من المضجر والمغاضبة فتبتلى ببلائه (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ) وقرىء رحمة وهو توفيقه للتوبة وقبولها منه وحسن تذكير الفعل للفصل بالضمير وقرىء تداركته وتداركه أى تتداركه على حكاية الحال الماضية بمعنى لو لا أن كان يقال فيه تتداركه (لَنُبِذَ بِالْعَراءِ) بالأرض الخالية من الأشجار (وَهُوَ مَذْمُومٌ) مليم مطرود من الرحمة والكرامة* وهو حال من مرفوع نبذ عليها يعتمد جواب لو لا لأنها هى المنتفية لا النبذ بالعراء كما مر فى الحال الأولى والجملة الشرطية استئناف وارد لبيان كون المنهى عنه أمرا محذورا مستتبعا للغائلة وقوله تعالى (فَاجْتَباهُ رَبُّهُ) عطف على مقدر أى فتداركته نعمة من ربه فاجتباه بأن رد إليه الوحى وأرسله إلى