(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ (٢٨) قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ (٢٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ (٣٠) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ (٣١) عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ) (٣٢)
____________________________________
(بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ) قالوه بعد ما تأملوا ووقفوا على حقيقة الأمر مضربين عن قولهم الأول أى لسنا ضالين بل نحن محرمون حرمنا خيرها بجنايتنا على أنفسنا (قالَ أَوْسَطُهُمْ) أى رأيا أوسنا (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) لو لا تذكرون الله تعالى وتنوبون إليه من خبث نيتكم وقد كان قال لهم حين عزموا على ذلك اذكروا الله وتوبوا إليه عن هذه العزيمة الخيثة من فوركم وسارعوا إلى حسم شرها قبل حلول النقمة فعصوه فعيرهم كما ينبىء عنه قوله تعالى (قالُوا سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) وقيل المراد بالتسبيح الاستثناء لاشتراكهما فى التعظيم أو لأنه تنزيه له تعالى عن أن يجرى فى ملكه ما لا يشاؤه (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) أى يلوم بعضهم بعضا فإن منهم من أشار بذلك ومنهم من استصوبه ومنهم من سكت راضيا به ومنهم من أنكره (قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا طاغِينَ) متجاوزين حدود الله (عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا) وقرىء بالتشديد أى يعطينا بدلا منها ببركة التوبة والاعتراف بالخطيئة (خَيْراً مِنْها إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ) راجون العفو طالبون الخير وإلى لانتهاء الرغبة أو لتضمنها معنى الرجوع عن مجاهد تابوا فأبدلوا خيرا منها وروى أنهم تعاقدوا وقالوا إن أبدلنا الله خيرا منها لنصنعن كما صنع أبونا فدعوا الله تعالى وتضرعوا إليه فأبدلهم الله تعالى من ليلتهم ما هو خير منها قالوا إن الله تعالى أمر جبريل عليهالسلام أن يقتلع تلك الجنة المحترقة فيجعلها بزغر من أرض الشام ويأخذ من الشام جنة فيجعلها مكانها وقال ابن مسعود رضى الله تعالى عنه إن القوم لما أخلصوا وعرف الله منهم الصدق أبدلهم جنة يقال لها الحيوان فيها عنب يحمل البغل منه عنقودا وقال أبو خالد اليمانى دخلت تلك الجنة فرأيت كل عنقود منها كالرجل الأسود القائم وسئل قتادة عن أصحاب الجنة أهم من أهل الجنة أم من أهل النار فقال لقد كلفتنى تعبا وعن الحسن رحمهالله تعالى قول أصحاب الجنة إنا إلى ربنا راغبون لا أدرى إيمانا كان ذلك منهم أو على حد ما يكون من المشركين إذا أصابتهم الشدة فتوقف فى أمرهم والأكثرون على أنهم تابوا وأخلصوا حكاه القشيرى.