(كِراماً كاتِبِينَ (١١) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (١٢) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤) يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (١٥) وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (١٦) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) (١٨)
____________________________________
(كِراماً) لدنيا (كاتِبِينَ) لها (يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) من الأفعال قليلا وكثيرا ويضبطونه نقيرا وقطميرا لتجازوا بذلك وفى تعظيم الكاتبين بالثناء عليهم تفخيم لأمر الجزاء وأنه عند الله عزوجل من جلائل الأمور حيث يستعمل فيه هؤلاء الكرام وقوله تعالى (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ) (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) استئناف مسوق لبيان نتيجة الحفظ والكتاب من الثواب والعقاب وفى تنكير النعيم والجحيم من التفخيم والتهويل ما لا يخفى وقوله تعالى (يَصْلَوْنَها) إما صفة لجحيم او استئناف* مبنى على سؤال نشأ من تهويلها كأنه قيل ما حالهم فيها فقيل يقاسون حرها (يَوْمَ الدِّينِ) يوم الجزاء الذى كانوا يكذبون به (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) طرفة عين فإن المراد دوام نفى الغيبة لا نفى دوام الغيبة لما مر مرارا من أن الجملة الاسمية المنفية قد يراد بها استمرار النفى لا نفى الاستمرار باعتبار ما تفيده من الدوام والثبات بعد النفى لا قبله وقيل معناه وما كانوا غائبين عنها قبل ذلك بالكلية بل كانوا يجدون سمومها فى قبورهم حسبما قال النبى صلىاللهعليهوسلم القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران وقوله تعالى (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) (ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) تفخيم لشأن يوم الدين الذى يكذبون به إثر تفخيم وتهويل لأمره بعد تهويل ببيان أنه خارج عن دائرة دراية الخلق على أى صورة تصوره فهو فوقها وكيفما تخيلوه فهو أطم من ذلك وأعظم أى وأى شىء جعلك داريا ما يوم الدين على أن ما الاستفهامية خبر ليوم الدين الا بالعكس كما هو رأى سيبويه لما مر من أن مدار الإفادة هو الخبر لا المبتدأ ولا ريب فى أن مناط إفادة الهول والفخامة هنا هو ما لا يوم الدين أى أى شىء عجيب هو فى الهول والفظاعة لما مر غير مرة أن كلمة ما قد يطلب بها الوصف وإن كانت موضوعة