لا تشرك بعبادة ربك أحدا (١).
فجعل المأمون يدخل إليه ، فلما ثقل تعالل المأمون وأظهر أنهما أكلا عنده جميعا طعاما ضارا فمرضا ، ولم يزل الرضا عليلا حتى مات.
واختلف في أمر وفاته ، وكيف كان سبب السم الذي سقيه.
فذكر محمد بن علي بن حمزة أن منصور بن بشير ذكر عن أخيه عبد الله بن بشير :
أن المأمون أمره أن يطوّل أظفاره ففعل ، ثم أخرج إليه شيئا يشبه التمر الهندي ، وقال له : افركه واعجنه بيديك جميعا ، ففعل.
ثم دخل على الرضا فقال له : ما خبرك؟
قال : أرجو أن أكون صالحا.
فقال له : هل جاءك أحد من المترفّقين اليوم؟.
قال : لا ، فغضب وصاح على غلمانه ، وقال له : فخذ ماء الرمان اليوم فإنه ما لا يستغنى عنه. ثم دعا برمان فأعطاه عبد الله بن بشير وقال له : اعصر ماءه بيدك ، ففعل وسقاه المأمون الرضا بيده فشربه ، فكان ذلك سبب وفاته ، ولم يلبث إلّا يومين حتى مات.
قال محمد بن علي بن حمزة ، ويحيى : فبلغني عن أبي الصلت الهروي :
أنه دخل على الرضا بعد ذلك فقال له : يا أبا الصلت قد فعلوها : «أي قد سقوني السم». [وجعل يوحد الله ويمجده](٢).
قال محمد بن علي : وسمعت محمد بن الجهم يقول :
إن الرضا كان يعجبه العنب ، فأخذ له عنب وجعل في موضع أقماعه الإبر ، فتركت أياما فأكل منه في علته فقتله ، وذكر أن ذلك من لطيف السموم.
ولما توفي الرضا لم يظهر المأمون موته في وقته ، وتركه يوما وليلة ، ثم وجه إلى
__________________
(١) في الإرشاد ص ٢٨٧ «وكان الرضا يكثر وعظ المأمون إذا خلا به ويخوفه الله ويقبح له ما يرتكب من خلافه ، فكان المأمون يظهر قبول ذلك منه ويبطن كراهته واستثقاله. ودخل الرضا يوما عليه فرآه يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يديه الماء فقال : لا تشرك يا أمير المؤمنين بعبادة ربك أحدا ، فصرف المأمون الغلام وتولى تمام وضوئه بنفسه ، وزاد ذلك في غيظه ووجده».
(٢) الزيادة من الإرشاد ٢٨٨.