عيسى وعانقه وبكى بكاء شديدا واعتذر إليه مما خاطبه به من الرد ، ثم أجابه عن المسألة وهو يبكي وأقبل علينا فقال : إن حب بني فاطمة والجزع لهم مما هم عليه من الخوف والقتل والتطريد ليبكي من في قلبه شيء من الإيمان ، ثم قال لعيسى : قم بأبي أنت فأخف شخصك لا يصيبك من هؤلاء شيء نخافه ، فقمنا فتفرقنا.
أخبرني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني محمد بن سالم بن عبد الرحمن ، قال علي بن جعفر الأحمر ، حدثني أبي ، قال :
كنت أجتمع أنا ، وعيسى بن زيد ، والحسن ، وعلي ابنا صالح بن حي ، وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، وجناب بن نسطاس ، في جماعة من الزيدية في دار بالكوفة ، فسعى ساع إلى المهدي بأمرنا ودلّه على الدار ، فكتب إلى عامله بالكوفة بوضع الأرصاد علينا ، فإذا بلغه اجتماعنا كبسنا وأخذنا ووجه بنا إليه. فاجتمعنا ليلة في تلك الدار ، فبلغه خبرنا فهجم علينا ، ونذر القوم به وكانوا في علو الدار ، فتفرقوا ونجوا جميعا غيري ، فأخذني وحملني إلى المهدي فأدخلت إليه ، فلما رآني شتمني بالزنا (١) وقال لي : يابن الفاعلة أنت الذي تجتمع مع عيسى بن زيد وتحثّه على الخروج عليّ وتدعو إليه الناس؟.
فقلت له : يا هذا ، أما تستحيي من الله ، ولا تتقي الله ولا تخافه ، تشتم المحصنات وتقذفهن بالفاحشة ، وقد كان ينبغي لك ويلزمك في دينك وما وليته ، أن لو سمعت سفيها يقول مثل قولك أن تقيم عليه الحد.
فأعاد شتمي ثم وثب إليّ فجعلني تحته ، وضربني بيديه ، وخبطني برجليه ، وشتمني.
فقلت له : إنك لشجاع شديد أيّد ، حين قويت على شيخ مثلي تضربه ، لا يقدر على المنع من نفسه ولا انتصار لها.
فأمر بحبسي والتضيق عليّ ، فقيدت بقيد ثقيل وحبست سنين ، فلما بلغه وفاة عيسى بن زيد بعث إليّ فدعاني فقال لي : من أي الناس أنت؟ قلت من المسلمين. قال : أعرابي أنت؟ قلت لا. قال فمن أي الناس أنت؟. قلت : كان
__________________
(١) في ط وق «شتمني بالرأي».