موضعه فأخبر به ، فقام إليه فمر في طريقه بجناب بن نسطاس (١) العرزمي فسلم عليه ، ومضى إلى سفيان فسأله عن المسألة فأبى سفيان أن يجيبه خوفا على نفسه من الجواب لأنه كان شيء فيه على السلطان ، فقال له الحسن [بن صالح] إنه عيسى بن زيد ، فتنبه سفيان واستوفز ، ثم نظر إلى عيسى بن زيد كالمستثبت فتقدم إليه فقال له : نعم أنا عيسى بن زيد. فقال : أحتاج إلى من يعرفك.
قال : جناب بن نسطاس أجيئك به.
فقال : افعل. قال : فذهب عيسى فجاءه به ، فقال جناب بن نسطاس : نعم يا أبا عبد الله هذا عيسى بن زيد ، فبكى سفيان فأكثر البكاء ، وقام من مجلسه فأجلسه فيه وجلس بين يديه ، وأجابه عن المسألة ، ثم ودعه وانصرف.
قال أبو الفرج :
وقد حدّثني بهذا الحديث أحمد بن محمد بن سعيد ، وكنت ذكرت له ما حدثني به ابن زيدان من ذلك فقال : حدثني محمد بن سالم بن عبد الرحمن قال : حدّثني المنذر بن جعفر العبدي عن أبيه ، قال :
خرجت أنا والحسن ، وعلي بن صالح ابنا حي ، وعبد ربه بن علقمة ، وجناب بن نسطاس مع عيسى بن زيد حجاجا بعد مقتل إبراهيم ، وعيسى بيننا يستر نفسه في زي الجمالين ، فاجتمعنا بمكة ذات ليلة في المسجد الحرام ، فجعل عيسى بن زيد ، والحسن بن صالح يتذاكران أشياء من السيرة ، فاختلف هو وعيسى في مسألة منها ، فلما كان من الغد دخل علينا عبد ربه بن علقمة فقال : قدم عليكم الشفاء فيما اختلفتم فيه ، هذا سفيان الثوري قد قدم ، فقاموا بأجمعهم فخرجوا إليه ، فجاءوه وهو في المسجد جالس ، فسلموا عليه ، ثم سأله عيسى بن زيد عن تلك المسألة ، فقال : هذه مسألة لا أقدر على الجواب عنها لأن فيها شيئا على السلطان.
فقال له الحسن : إنه عيسى بن زيد ، فنظر إلى جناب بن نسطاس مستثبتا ، فقال له جناب : نعم هو عيسى بن زيد ، فوثب سفيان فجلس بين يدي
__________________
(١) في ط وق «بن قسطاس» راجع إتقان المقال ١٧٣.