فألتقط ما يرمي الناس به من البقول فأتقوته.
وقد تزوجت إلى هذا الرجل ابنته ، وهو لا يعلم من أنا إلى وقتي هذا ، فولدت مني بنتا ، فنشأت وبلغت ، وهي أيضا لا تعرفني ، ولا تدري من أنا ، فقالت لي أمها : زوّج ابنتك بابن فلان السقاء ـ لرجل من جيراننا يسقي الماء ـ فإنه أيسر منا وقد خطبها ، وألحّت عليّ ، فلم أقدر على إخبارها بأن ذلك غير جائز ، ولا هو بكفء لها ، فيشيع خبري ، فجعلت تلح عليّ فلم أزل أستكفي الله أمرها حتى ماتت بعد أيام ، فما أجدني (١) آسي على شيء من الدنيا أساي على أنها ماتت ولم تعلم بموضعها من رسول الله (ص).
قال : ثم أقسم عليّ أن أنصرف ولا أعود إليه وودّعني.
فلما كان بعد ذلك صرت إلى الموضع الذي انتظرته فيه لأراه فلم أره ، وكان آخر عهدي به.
* * *
حدّثني أحمد بن عبيد الله بن عمّار ، قال : نسخت من خط هارون بن محمد بن عبد الملك الزيّات ، قال : حدثني عتبة (٢) بن المنهال ، قال :
كان جعفر الأحمر (٣) ، وصباح الزعفراني ممن يقوم بأمر عيسى بن زيد ، فلما بذل المهدي لعيسى بن زيد من جهة يعقوب بن داود ما بذل له من المال والصلة نودي (٤) بذلك في الأمصار ليبلغ عيسى بن زيد فيأمن ، فقال عيسى لجعفر الأحمر وصباح : قد بذل لي من المال ما بذل ، وو الله ما أردت حين أتيت الكوفة الخروج عليه ، ولأن أبيت خائفا ليلة واحدة أحبّ إليّ من جميع ما بذل لي ، ومن الدنيا بأسرها.
أخبرني عبد الله بن زيدان (٥) ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني سعيد بن
__________________
(١) في ط وق «فما أحد».
(٢) في ط وق «عيينة».
(٣) هو جعفر بن زياد الكوفي الأحمر. قال أبو داود عنه إنه شيعي ثقة ، وقال أبو نعيم : مات سنة خمس وستين ومائة ، راجع خلاصة تذهيب الكمال ٥٣.
(٤) في ط وق «يؤدي».
(٥) في ط وق «بن زيد».