أيركب أسماء الهماليج آمنا |
|
وقد طلبته مذحج بذحول (١) |
تطيف حواليه مراد وكلهم |
|
على رقبة من سائل ومسول |
فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم |
|
فكونوا بغايا أرضيت بقليل |
قالوا : وكان مسلم قد كتب إلى الحسين بأخذ البيعة له ، واجتماع الناس عليه ، وانتظارهم إيّاه ، فأزمع الشخوص إلى الكوفة ، ولقيه عبد الله بن الزبير في تلك الأيام ولم يكن شيء أثقل عليه من مكان الحسين بالحجاز ، ولا أحب إليه من خروجه إلى العراق طمعا في الوثوب بالحجاز ، وعلما بأن ذلك لا يتم له إلّا بعد خروج الحسين ، فقال له : على أيّ شيء عزمت يا أبا عبد الله؟ فأخبره برأيه في إتيان الكوفة ، وأعلمه بما كتب به مسلم بن عقيل إليه ، فقال له ابن الزبير : فما يحبسك ، فو الله لو كان لي مثل شيعتك بالعراق ما تلوّمت في شيء ، وقوى عزمه ، ثم انصرف. وجاءه به عبد الله بن عباس وقد أجمع رأيه على الخروج ، وحققه ، فجعل يناشده في المقام ، ويعظم عليه القول في ذم أهل الكوفة ، وقال له : إنك تأتي قوما قتلوا أباك ، وطعنوا أخاك ، وما أراهم إلّا خاذليك ، فقال له : هذه كتبهم معي ، وهذا كتاب مسلم باجتماعهم ، فقال له ابن عباس : أما إذا كنت لا بد فاعلا فلا تخرج أحدا من ولدك ، ولا حرمك ولا نسائك فخليق أن تقتل وهم ينظرون إليك كما قتل ابن عفان ، فأبى ذلك ولم يقبله.
* * *
قال : فذكر من حضره يوم قتل وهو يلتفت إلى حرمه وإخوته وهن يخرجن من أخبيتهن جزعا لقتل من يقتل معه وما يرينه به ، ويقول : لله در ابن عباس فيما أشار علي به.
* * *
قال : فلما أبى الحسين قبول رأي ابن عباس قال له : والله لو أعلم أني إذا تشبثت بك وقبضت على مجامع ثوبك ، وأدخلت يدي في شعرك حتى يجتمع الناس عليّ وعليك ، كان ذلك نافعي لفعلته ، ولكن اعلم أن الله بالغ أمره ،
__________________
(١) يعني بأسماء : أسماء بن خارجة ، والهماليج : جمع هملاج نوع من البراذين ، والذحل : الثأر.