شرك التضارب بين
المؤسسات الدينية والمذاهب العلمية الباحثة عن حقيقة الأشياء ، واصطدم معظمها
بإشكالية الصراع بين المصالح في تلك المؤسسات والمصالح العلمية وأساليبها المبنية
على التجربة والحسّ والمنطق والعقل. أسّس كل ذلك لظهور مفهوم خاطئ أدّى إلى بروز
فصل بين الدين والإيمان من جهة ، والعلم والعقل من جهة أخرى. وصارت المؤسسات
الدينية وخاصة في العصور الوسطى تحارب وتكفّر العلماء الباحثين عن أسرار الخلق
والطبيعة. ووصلت الأحوال بما سمّي بالعلماء «الزنادقة» أن أجبروا بطريقة أو بأخرى
على الابتعاد عن الدين وفضائه الرحب ، فعاشوا حالات التشكيك والشك الدائم أمام
السؤال الكبير الذي كان يواجههم : العلّة الأولى والأخيرة؟؟ وإزاء تلك الإشكالية
ظهرت مجموعات من الباحثين العلميين نادت بعظمة الطبيعة وقدرتها الذاتية الخلاقة أو
بقدرة الصدفة على تأسيس الكون عبر اجتماع احتمالات بعيدة والتقائها في نقطة ما
تحوّل ما بعدها إلى حقائق أو بتأليه الإنسان وقدراته أو حتى بتأليه المادة والطاقة
المستمدة منها ...
كل ذلك أدّى إلى
تفاقم الصراع في العصور الوسطى ، وإلى انفصام العرى بين الشعور الديني والمنطق
العقلي في بداية النهضة الصناعية في بلاد الغرب ، حيث بات من المستحيل ردم الهوّة
الآن بين الجانبين.
ومن الأسباب
العميقة لذلك الشرخ القديم ، وجود خلل واضح في القدرة على التآلف والتكامل
والتناسق بين العقل وبين بعض المعتقدات المعروفة بالدوغما (أو المعتقدات المفروضة)
التي ترفض المنطق في