محاولة لاستكشاف أسرار الأشياء وهو السؤال عن السبب الأول أو العلّة الأصلية أو مسبّب الأسباب أو علّة العلل ، ومن هو المسيّر للإرادات أو الإرادة الأولى والأخيرة والأقوى والأعظم.
صارت الظواهر والأحداث والمخلوقات تتحدث عن أنفسها وعن كيفية حدوثها وتطورها ووظائفها ونتائجها ، وصار الإنسان يقرأ الكون ويستشف منه التنظيم والإبداع والدقة والتناسق والتناغم والترابط والتكامل وغيرها من القوانين والنظم والمعايير والأسس التي بني عليها الكون وأنشئت الخلائق. وبعثت ظواهر التراتب والتسلسل والتضاد والتشابه والتزاوج والتناسل والشيخوخة والموت ، أسئلة كانت مصادر للقلق والحيرة والخوف من جهة ، ومباعث للدهشة والانبهار والمتعة والنشوة من جهة أخرى. ولقد تطوّرت هذه المشاعر والأحاسيس والأفكار عبر الحضارات والأجيال والقرون ، وخاضت آلاما وحروبا وضغوطا وانحرافات وضياعا ، حتى تمخّضت في القرون الأخيرة عن مسالك للنور والسعادة والبهجة والراحة والنشوة حينما راحت الأسئلة تلتقي بأجوبتها الواحدة تلو الأخرى ، بظلّ الأديان السماوية والتطوّر العلمي والتقني والعقلي والفلسفي ، وحينما اجتمع وتلاقى الإيمان الحقيقي بالعلم الحقيقي واتّحدا ليفتحا الآفاق على مصراعيها وينشرا النور والسعادة في العقول والقلوب على السواء!
العلم والإيمان في الحضارات القديمة :
أسّست الحضارات القديمة ومعتقداتها على ما كانت تستشفّه في انبهارها وخوفها ودهشتها أمام الظواهر الطبيعية كالبراكين والصواعق