قابل فيخلوا له
مكة. شرفها الله. ثلاثة أيام ، فرجع لعمرة القضاء وخاف المسلمون أن لا يوفوا لهم
ويقاتلوهم في الحرم. أو الشهر الحرام وكرهوا ذلك فنزلت (وَلا تَعْتَدُوا) بابتداء القتال ، أو بقتال المعاهد ، أو المفاجأة به من
غير دعوة ، أو المثلة ، أو قتل من نهيتم عن قتله. (إِنَّ اللهَ لا
يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) لا يريد بهم الخير.
(وَاقْتُلُوهُمْ
حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ
أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى
يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ
الْكافِرِينَ)(١٩١)
(وَاقْتُلُوهُمْ
حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) حيث وجدتموهم في حل أو حرم. وأصل الثقف : الحذق في إدراك
الشيء علما كان أو عملا. فهو يتضمن معنى الغلبة ولذلك استعمل فيها قال :
فأمّا تثقفوني
فاقتلوني
|
|
فمن أثقف فليس
إلى خلود
|
(وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ
حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) أي من مكة ، وقد فعل ذلك بمن لم يسلم يوم الفتح. (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) أي المحنة التي يفتتن بها الإنسان ، كالإخراج من الوطن
أصعب من القتل لدوام تعبها وتألم النفس بها. وقيل : معناه شركهم في الحرم وصدهم
إياكم عنه أشد من قتلكم إياهم فيه. (وَلا تُقاتِلُوهُمْ
عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ) أي لا تفاتحوهم بالقتال وهتك حرمة المسجد الحرام. (فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) فلا تبالوا بقتالهم ثم فإنهم الذين هتكوا حرمته. وقرأ حمزة
والكسائي (وَلا تُقاتِلُوهُمْ
عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ). والمعنى حتى يقتلوا بعضكم كقولهم قتلنا بنو أسد. (كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) مثل ذلك جزاؤهم يفعل بهم مثل ما فعلوا.
(فَإِنِ انْتَهَوْا
فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢)
وَقاتِلُوهُمْ
حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا
عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ)(١٩٣)
(فَإِنِ انْتَهَوْا) عن القتال والكفر (فَإِنَّ اللهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ) يغفر لهم ما قد سلف (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى
لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) شرك (وَيَكُونَ الدِّينُ
لِلَّهِ) خالصا له ليس للشيطان فيه نصيب. (فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الشرك. (فَلا عُدْوانَ إِلَّا
عَلَى الظَّالِمِينَ) أي فلا تعتدوا على المنتهين إذ لا يحسن أن يظلم إلا من ظلم
، فوضع العلة موضع الحكم. وسمي جزاء الظلم باسمه للمشاكلة كقوله : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا
عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ). أو أنكم إن تعرضتم للمنتهين صرتم ظالمين وينعكس الأمر
عليكم ، والفاء الأولى للتعقيب والثانية للجزاء.
(الشَّهْرُ الْحَرامُ
بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ
فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)(١٩٤)
(الشَّهْرُ الْحَرامُ
بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) قاتلهم المشركون عام الحديبية في ذي القعدة واتفق خروجهم
لعمرة القضاء فيه ، وكرهوا أن يقاتلوهم فيه لحرمته فقيل لهم هذا الشهر بذاك وهتكه
بهتكه فلا تبالوا به. (وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) احتجاج عليه ، أي كل حرمة وهو ما يجب أن يحافظ عليها يجري
فيها القصاص. فلما هتكوا حرمة شهركم بالصد فافعلوا بهم مثله ، وادخلوا عليهم عنوة
واقتلوهم إن قاتلوكم. كما قال : (فَمَنِ اعْتَدى
عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) وهو فذلكة التقرير. (وَاتَّقُوا اللهَ) في الأنصار ولا تعتدوا إلى ما لم يرخص لكم. (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ
الْمُتَّقِينَ) فيحرسهم ويصلح شأنهم.
(وَأَنْفِقُوا فِي
سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا
إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(١٩٥).