يستطيعون سفرا للتسبب في طلب المعاش. وهم مع هذا متعففون ، يظنهم الجاهل بأمرهم وحالهم أغنياء من تعففهم في لباسهم وحالهم وفعالهم. إلا أن سيماهم تدل ذوي الألباب على حاجتهم. ومن صفاتهم أنهم لا يلحون في المسألة ، ولا يكلفون الناس ما لا يحتاجون إليه ثم ختم الله عزوجل الآية بقوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) أي : لا يخفى عليه شىء منه. وسيجزي عليه أوفر الجزاء ، وأتمه يوم القيامة أحوج ما يكون الإنسان إليه.
وفي الآية الثامنة يثني الله عزوجل على الذين ينفقون في سبيله ، وابتغاء مرضاته في جميع الأوقاف ، من ليل أو نهار. وفي جميع الأحوال من سر وجهر ، وبين ما لهم عند الله في مقابل ذلك. وأن لهم أجرا ، وأمنا ، وفرحا.
المعنى الحرفي :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) أي : أنفقوا من جياد مكسوباتكم. وفيه دليل على وجوب الزكاة في أموال التجارة. (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أي من الحب ، والثمر ، والمعادن. والتقدير : من طيبات ما أخرجنا لكم من الأرض. وهذه الآية من أدلة الحنفية على وجوب الزكاة في كل ما يخرج من الأرض قليلا أو كثيرا ، مخزونا أو غير مخزون. وفي كل مكان يدور فيه الخلاف حول الواجب ، أو عدمه. يبقى الندب قائما. (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) : المراد بالتيمم : هو القصد. أي : ولا تقصدوا المال الردىء تخصونه بالإنفاق منه. (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ.) أي : وحالكم أنكم لا تأخذونه في حقوقكم ، إلا أن تتسامحوا في أخذه ، وتترخصوا فيه. (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) أي : واعرفوا أن الله غني عن صدقاتكم ، مستحق للحمد لكمالاته ، ولإنعامه.
فوائد :
١ ـ روي الحاكم وغيره في سبب نزول الآية عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : «نزلت في الأنصار كانت الأنصار إذا كانت أيام جذاذ النخل أخرجت من حيطانها البسر ، فعلقوه على حبل بين الاسطوانتين في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيأكل فقراء المهاجرين منه. فيعمد الرجل منهم إلى الحشف (أي ردىء التمر) فيدخله مع أقناء