تحدثت عن أصناف الناس فجعلتهم ثلاثة أصناف : متقين وكافرين ومنافقين ، ثم جاء القسم الأول فدعا الناس إلى سلوك الطريق الذي يتحررون به من الكفر وانفاق ، ويكونون به من المتقين فعم وخص في الدعوة ، وكان المضمون الرئيسي الذي بينه القسم الأول : أن التوحيد والعبادة والإيمان والعمل الصالح هي الطريق إلى التقوى ، وأن نقض العهد وقطع ما أمر الله به أن يوصل ، والإفساد في الأرض هو الطريق إلى الكفر والنفاق ، وأن بداية ذلك كله الكبر والحسد والمعصية ، وأن أهل الكتاب الأول عليهم أن يعقلوا معاني كثيرة إذا أرادوا أن يحققوا تقواهم ويتحرروا من أمراضهم ، وقد أرانا الله عزوجل في القسم الأول النموذج الكامل للتقي ، وعرفنا على محل القبلة في الصلاة ، وذلك في سياق الأمر بالعبادة التي هي طريق التقوى ، وطالبنا بالاستعانة بالصبر والصلاة ، ودلنا على معالم العبادة والتوحيد اللذين هما طريق التقوى ، وكانت خاتمة القسم المجموعة التي أعلنت التوحيد وأدلته ، واستحقاق أهل الشرك العقوبة ، وبعد ذلك كله وغيره يأتي القسم الثاني من أقسام سورة البقرة ، التي تتألف من : مقدمة وأقسام ثلاثة وخاتمة. وهذا أوان الكلام عن القسم الثاني ، ونرجو من القارىء ألا ينفد صبره وهو يرانا نعيد الكرة مرة بعد مرة في توضيح قضية السياق فإن الأمر يحتاج لذلك.