الاستعانة بالصبر والصلاة والاسترجاع. وفي معرض ذلك ذكر من الشعائر السعي. فهو وضع قديم أقر فأخذ قوة من الإقرار لا من العمل السابق. وإذا أقره الله ، أخذ محله في عمل المسلم ، والهدى يحتاج إلى توضيح وتبيان ، لا إلى كفر وكتمان.
ومرجع كل هذا إلى التوحيد الذي تنبثق عنه الشرائع والشعائر والمشاعر والعواطف.
٢ ـ لو في اللغة العربية إذا جاءت فيما يشوق إليه أو يخوف منه قلما توصل بجواب ، ليذهب القلب في جوابها كل مذهب. وكذلك هي في هذا المقطع : (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) الجواب ما ذكرناه أي لكان منهم ما لا يدخل تحت الوصف من الندم والحسرة.
٣ ـ لو ، وإذ : تدخلان على الماضي في الأصل. ولكنهما في المقطع دخلتا على المستقبل لأن إخبار الله تعالى عن المستقبل باعتبار صدقه كالماضي.
٤ ـ في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله : أي الذنب أعظم؟ قال : «أن تجعل لله ندا وهو خلقك».
٥ ـ دل قوله تعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) أن من مقتضيات الإيمان الواضحة الكبيرة محبة الله. ومحبة الله تكون أثرا عن الشعور بنعمه. قال عليهالسلام : «أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه ..». ولكن القلب لا يحس بها إلا إذا تحرر من أمراضه. كالحسد والكبر والنفاق. ومن ثم كانت ذروة السير إلى الله ، محبة الله. وطريق ذلك الإقبال على الله بالفرائض والنوافل : «وما تقرب إلي عبدي بشىء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه». فإذا أحبه الله أعطاه بما يشعره بالمحبة : «فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي عليها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه». وعندئذ يفيض القلب بالمحبة لله بما لا يعرفه إلا أهله.
٦ ـ دلت الآيات الأخيرة على أن الاتباع في غير طريق الله شرك يعقب ندامة يوم القيامة. فلينظر الإنسان من يتبع؟ وعلى ماذا؟ وبماذا؟ وإلا فإنه سيكون من النادمين. فإذا قال الله : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً) (سورة التوبة) لمن تابعوا رجال دينهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال!! فكيف بمن يتبع من لا يعترف بحلال وحرام أصلا؟.