فهل وضحت الصلة بين هذه الآية وما قبلها في مجموعة الصبر؟ إن هذه الشعيرة سببها الصبر. فما نالت أمنا هاجر هذه الإمامة إلا بالصبر.
وعلى هذا فالساعي بينهما ينبغي له أن يستحضر فقره وذله وحاجته إلى الله في هداية قلبه وصلاح حاله وغفران ذنبه ، وأن يلتجىء إلى الله عزوجل : أن يزيل ما هو به من النقائص والعيوب ، وأن يهديه إلى الصراط المستقيم وأن يثبته إلى مماته ، وأن يحوله من حاله الذي هو عليه إلى حال الكمال والغفران والسداد والاستقامة ، كما فعل بهاجر عليهاالسلام ، إذ نقلها من حال إلى حال.
المعنى الحرفي :
(إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ) هما علمان للجبلين المعروفين. (مِنْ شَعائِرِ اللهِ) أي : من أعلام مناسكه ومتعبداته جمع شعيرة. وهي العلامة. (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ) أي قصده لإقامة فريضة الحج. (أَوِ اعْتَمَرَ) : أي زاره لإقامة العمرة. فالحج القصد والاعتمار الزيارة. ثم غلبا على قصد البيت وزيارته المعروفين. (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ) : أي فلا إثم عليه (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) أي : أن يتطوف. وأصل الطواف المشي حول الشىء. والمراد هنا السعي بينهما. (وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) أي : بالسعي بينهما (فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ) يجازي على القليل كثيرا. (عَلِيمٌ) بالأشياء صغيرا وكبيرا.
فوائد :
١ ـ في أسباب النزول : قال الإمام أحمد «عن عروة عن عائشة قال : قالت : أرأيت قول الله تعالى (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما؟) قلت فو الله ما على أحد جناح أن لا يطوف بهما ، فقالت عائشة : بئسما قلت يا ابن أختي (الخطاب لعروة ابن أختها أسماء) إنها لو كانت على ما أولتها عليه كان فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما. ولكنها إنما أنزلت أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشلل ، وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة ، فسألوا عن ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا رسول الله. إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية. فأنزل الله عزوجل (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما.) قالت عائشة : ثم قد سن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الطواف بهما. فليس