ونشيعه وشيوخ» وقد ذكر الطبري وابن الأثير ست أولاد لإبراهيم عليهالسلام سوى إسماعيل وإسحاق ، ولكن كلا منهم أورد الأسماء إيرادا يختلف عن الآخر وكلاهما يختلف مع القرطبي ، ولا شك أن مرجع الجميع روايات أهل الكتاب وقد تحدث سفر التكوين مما يسمى بالتوراة الحالية عن هذا الموضوع في الإصحاح (الخامس والعشرين) ، فقال : «وعاد إبراهيم فأخذ زوجة اسمها قطورة فولدت له زمران ويقشان ومدان ومديان ويشاق وشوحا» وهذه الرواية تتفق إلى حد كبير مع رواية الطبري ، ومما قاله الإصحاح الخامس والعشرون : «وأعطى إبراهيم إسحاق كل ما كان له ، وأما بنو السراري اللواتي كانت لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا ، وصرفهم عن إسحاق ابنه شرقا إلى أرض المشرق ، وهو بعد بقيد الحياة».
فهذا النص يفيد أن لإبراهيم أبناء من سرار بينما النص السابق يفيد أن له ست أبناء من زوجة واحدة تزوجها بعد سارة ، وليس في كل ذلك ما يفيد القطع سوى أن لإبراهيم بنين فهم أكثر من أن يكونوا اثنين ، وسيأتي كلام في سورة البقرة عن إبراهيم عليهالسلام مرة أخرى وهناك سننقل اتجاهات الدارسين عن عصر إبراهيم واحتمالاته ، وزمن وجوده ، والدول التي عاشها ، وليس في ذلك كله ما يصلح أن يجزم به.
فصل في أن أعلى مقام للإنسان هو الإسلام لله رب العالمين :
بحث بعضهم موضوع أيهما أرقى الإسلام أو الإيمان ، وذلك بسبب قوله تعالى : (في سورة الحجرات) (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ونقول : إن الإسلام الكامل والإيمان الكامل مترادفان ، إذ يدخل في الإسلام الكامل إسلام القلب والجوارح ، ويدخل في الإيمان الكامل تصديق القلب والجوارح ، ولذلك نجد قوله تعالى (في سورة الذاريات) (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) فههنا المؤمنون هم المسلمون ، فالإيمان الكامل هو الإسلام الكامل ، غير أن في الإسلام معنى أتم لما يفيده من الخضوع الزائد على مجرد التصديق ، ولذلك نرى أن الكلام في قصة إبراهيم ينصب على الثناء على إسلامه (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) (سورة النساء) ، قال القرطبي عند قوله تعالى (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ ،) والإسلام هنا على أتم وجوهه ، والإسلام في كلام العرب الخضوع والانقياد وليس كل إسلام إيمانا ، وكل إيمان إسلام ، لأن من آمن بالله