قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الأساس في التفسير [ ج ١ ]

196/683
*

المصدق لما معهم ، وكيف أنهم في الوقت نفسه يتبعون الشياطين والسحر ، بينما هم يزعمون كما عرضته علينا المجموعة الأولى أنهم لا يتبعون القرآن ؛ لأنهم يؤمنون بما أنزل عليهم.

(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا)

وبذلك كملت المجموعات الثلاث بعضها بعضا ، فكانت فقرة واحدة إذ بمجموعها بينت كيف أنهم يتركون ما أمروا به ، ويقتلون أو يكذبون من أمروا بمتابعته ، ويتابعون من أمروا بمحاربته ، ويعملون ما أمروا بتركه. ولنبدأ عرض الآيات :

العرض والتفسير :

(أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) نبذه أي نقضه ورفضه وقوله (فَرِيقٌ مِنْهُمْ) يدل على أن الذي يتولى النقض هم البعض ، قال الحسن البصري : «نعم ليس في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه ونبذوه ، يعاهدون اليوم وينقضون غدا». أقول : فعلينا أن نلاحظ دائما في التعامل معهم هذا المعنى ، فمن لم يضع هذا المعنى في حسابه يكون من الغافلين ، صحيح أن الذي ينقض العهد فريق ، ولكن الآخرين يؤيدون النقض ، ويقبلونه ويرضون به ، إن لم يكن علنا فسرا أو ضمنا ، هذا ما نأخذه من الآية بشكل دائم ، ولكن إذا ربطنا هذه الآية بقوله تعالى : (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) فإنه يخرج معنا معنى مرتبط بموقفهم من الرسل ، وقد سجل هذا المعنى ابن كثير : حين قال :

«وقال مالك بن الصيف (من اليهود) حين بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وذكرهم ما أخذ عليهم من الميثاق ، وما عهد إليهم في محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم : والله ما عهد إلينا في محمد وما أخذ علينا ميثاقا» فأنزل الله تعالى : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ...) فكأن الفريق على هذا التفسير هو الجيل من أجيالهم. قال ابن كثير : «قلت : فالقوم ذمهم الله بنبذهم العهود التي تقدم الله إليهم في التمسك بها والقيام بحقها ، ولهذا أعقبهم ذلك التكذيب بالرسول المبعوث إليهم وإلى الناس كافة ، الذي في كتبهم نعته وصفته وأخباره ، وقد أمروا فيها باتباعه ومؤازرته ونصرته».

(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) إذا نظرنا إلى هذه الجملة من خلال التفسير الأول كان معناها : بل أكثرهم لا تظهر عليه ثمرات الإيمان من تمسك بالعهود ووفاء لها ، وإذا نظرنا إلى الآية من خلال التفسير الثاني كان المعنى : بل أكثرهم لا يؤمنون بمن أخذ عليهم