________________________
وقوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّـهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ) النساء : ١١ .
قال السيّد عبد الحسين شرف الدِّين في كتابه النصّ والاجتهاد ص ٥٥ ، المورد السابع : «كلّها ـ أي آيات المواريث ـ عامّة تشمل رسول الله صلىاللهعليهوآله فمن دونه من سائر البشر فهي على حدّ قوله عزّوجلّ : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) وقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ ...) ونحو ذلك من آيات الأحكام الشرعية يشترك فيها النبيّ صلىاللهعليهوآله وكلُّ مكلّف من البشر ، لا فرق بينه صلىاللهعليهوآله وبينهم ، غير أنّ الخطاب فيها متوجّه إليه ليعمل به وليبلّغه إلى مَن سواه فهو من الحيثيّة أولى في الالتزام بالحكم من غيره» . وأيضا ممّا يدلّ على الإرث قوله تعالى في خبر زكريا : (إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) .
ولابدّ من حمل الإرث في هذه الآية على إرث المال دون النبوّة وشبهها حملاً للفظ يرثني من معناه الحقيقي المتبادر منه إلى الأذهان ، إذ لا قرينة هنا على النبوّة ونحوها ، بل القرائن في نفس الآية متوفّرة على إرادة المعنى الحقيقي دون المجاز . وأيضاً قوله تعالى في سورة النمل : (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ) .
وإنّ هذه الآيتين الأخيرتين صريحتان على توريث الأنبياء عليهمالسلام ، واستدلّت فاطمة الزهراء عليهاالسلام بهاتين الآيتين في خطبتها ، حيث قال السيّد شرف الدِّين في النص والاجتهاد ص ٦٣ : (ولعمري أنّها عليهاالسلام أعلم بمفاد القرآن ممّن جاءوا متأخِّرين عن تنزيله ، فصرفوا الإرث هنا إلى وراثة الحكمة والنبوّة دون الأموال ، تقديماً للمجاز على الحقيقة بلا قرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي المتبادر منه بمجرّد الإطلاق وهذا ممّا لا يجوز) .