فلمّا جمع له هذه الأشياء قال : (إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) (١) ففيه دلالة على أنّ الخلّة مقام فوق مقام الرسالة (٢) ، وحكاية اختبار جبرئيل له عليهالسلام في أمر غنمه معروفة دالّة على كماله في مقام محبّة الله وغضّ النظر عمّا سواه ، ولا يخفى أنّ الخليل عليهالسلام ما ألبسه الله تاج الخلّة إلّا لكونه من شيعة أمير المؤمنين عليهالسلام كما قال : (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ) (٣) (٤) وكفاه ذلك فخراً وشرفاً ، وقد أمر
________________________
١ ـ البقرة : ١٢٤ .
٢ ـ قال السيّد كاظم الحائري في كتابه (الإمامة وقيادة المجتمع) ص ٢٧ ، ط ، قم ١٩٩٦ م : ومن قوله عليهالسلام : (إنّ الله اتّخذه رسولاً قبل أن يتّخذه خليلاً) يبدو أنّ مقام الخلّة فوق مقام الرسالة ، فليس كلُّ رسول يصل إلى مستوى أن يكون خليلاً الله تبارك وتعالى وإبراهيم خرج من كلّ الامتحانات بنجاح ولم يصدر منه حتّىٰ ما يُسمّى بترك الأولىٰ على ما يبدو من قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ...) .
٣ ـ الصافات : ٨٣ .
٤ ـ روى السيّد شرف الدِّين علي الحسيني الاسترابادي من علماء القرن العاشر الهجري في كتابه تأويل الآيات الظاهرة ص ٤٨٤ ، ط ، قم جامعة المدرّسين عن مولانا الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام أنّه قال : قوله عزّوجلّ : (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ) أي أنّ إبراهيم عليهالسلام من شيعة عليّ عليهالسلام) .
ويؤيّد هذا ما رواه أيضاً في نفس الكتاب عن أبي بصير
يحيى بن القاسم قال : سأل جابر بن يزيد الجعفي جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام عن تفسير هذه
الآية : (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ) فقال عليهالسلام : إنّ الله سبحانه لمّا خلق إبراهيم كشف له عن
بصره فنظر فرأى نوراً إلى جنب العرش فقال : إلٰهي ما هذا النور ؟ فقيل له
: هذا نور محمّد صفوتي من خلقي . ورأى نوراً إلى جنبه ، فقال : إلٰهي وما هذا
النور ؟ فقيل له : هذا