وهم شرذمة من مخالفينا فزعموا أنّ المسلم لا يجوز لعنه مطلقاً ، وإنّ يزيد وأضرابه من ظالمي آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا مسلمين ، وللغزالي قبل تشيّعه (١) في المقام كلمات واهية يشمّ منها رائحة الكفر يستحي القلم من تحريرها ، واللسان
________________________
١ ـ راجع كتابه إحياء علوم الدِّين ج ٣ ، ص ١٢١ ، بحيث أفتىٰ فيه بحرمة لعن قاتل الإمام الحسين عليهالسلام سبط الرسول صلىاللهعليهوآله .
وأمّا قصّة تشيّع الغزالي فقد ذكرها السيّد محمّد الشيرازي قدسسره في كتابه حقائق من تاريخ العلماء ص ١٣ ط : الكويت ، قال : (بعدما قرّر الغزالي مغادرة بغداد لينتقل بين العواصم الإسلامية الأخرى ، فيشاء القدر أن يلتقي في إحدى رحلاته بالسيّد مرتضى الرازي ـ ليس شقيق السيد الرضي ـ فيطلب منه الغزالي المناظرة في مسألة الإمامة ، فلم يمانع السيّد المرتضىٰ ، لكنّه اشترط على الغزالي ألا يقاطعه في الحديث قبل استيفاء كلامه ، ووافق أبو حامد الغزالي على هذا الشرط .
ابتدأت المحاورة ، وأنصت الغزالي إلى المرتضى ، الذي جعل يُقيم الأدلّة والبراهين على أحقّية أمير المؤمنين عليهالسلام بالخلافة .
وبين الحين والآخر كانت محاولات الغزالي للمقاطعة تبوء بالفشل ، لأنّ المرتضى لم يكن يعطي له الفرصة لذلك بل كان يستمرّ في سرد أدلّته ، حسب الشرط الذي اتّفقا عليه . وهكذا تكرّرت الجلسات بين العَلَمين ، إلى أن أسفرت في النهاية عن انضمام الغزالي إلى مدرسة أهل البيت عليهمالسلام اعترض التلاميذ على أستاذهم وتعجّبوا منه كيف استطاع المرتضى أن يدخله معه في مذهبه في تلك الفترة القصيرة .
غير أنّ استاذهم أجابهم في تواضع وهدوء : لقد كان المرتضىٰ ثاقب البرهان ، حاضر الدليل ، حسن الاستدلال ، أظهر ما عنده فأتمّ ، وما كان لي إلّا الإذعان والاعتراف .
وبعد تلك الواقعة ألّف الغزالي كتابه (سرُّ العالمين) ليعلن فيه أحقّية مذهب أهل البيت عليهمالسلام) .