المصنف الأساسية فتمكن فى البساطة الشديدة التى غلبت على لغته ، فعبد الباسط يميل أحيانا إلى التعبيرات العامية ويذكر بوجه عام بمؤرخى مصر المعاصرين له خاصة ابن إياس (٦٠).
وقبل قليل من رحلة عبد الباسط وذلك فى عام ٨٦٦ ه ـ ١٤٦١ وبمدينة جدة (٦١) أتم مغربى معجما جغرافيا يكاد يكون الحلقة الأخيرة فى تلك السلسلة من المعاجم الجغرافية التى بلغت أوجها فى اسم ياقوت ؛ ذلكم هو كتاب «الروض المعطار فى خبر الأقطار» لعبد الله محمد بن عبد المنعم الحميرى (٦٢) الذى كشف عنه منذ فترة غير بعيدة ونشره ليفى بروفنسال Levi ـ Provencal (٦٣). وعلى الرغم من أن اسم الكتاب واسم مؤلفه قد ثبتا بصورة قاطعة إلا أنه يرتبط بالتاريخ الأدبى لهذا الأثر لغز كبير لا يزال ينتظر الحل المقنع الشافى. وتاريخ إتمام هذا الأثر كما يظهر فى إحدى مخطوطات الكتاب يوكده تاريخ وفاة المؤلف الذى يرجعه حاجى خليفة إلى عام ٩٠٠ ه ـ ١٤٩٤ (٦٤) ؛ غير أن حاجى خليفة يذكر إلى جانب هذا المصنف مصنفا آخر يحمل نفس العنوان ويكاد يتفق مع المصنف الأول فى اسم مؤلفه ، غير أنه خلو من الإشارة إلى أى تاريخ. ومما يزيد فى تعقيد المسألة وجود إشارات إلى كتاب يحمل نفس العنوان لدى مؤلفى القرنين الرابع عشر والخامس عشر مثل القلقشندى والمقريزى ؛ ومن الملاحظ أن الشذور التى اقتبسوها منه تتفق مع المواضع المعينة فى المخطوطات التى كشف عنها ليفى بروفنسال. واعتمادا على أن أسرة الحميرى قد تمتعت بنفوذ كبير على ممر قرون طويلة بمدينة سبتة وأن اسم عبد المنعم كان من الأسماء المفضلة إلى الأسرة (٦٥) فإن ليفى بروفنسال قد جنح إلى افتراض وجود مسودتين للمعجم تتلو إحداهما الأخرى من الناحية الزمنية وترجعان إلى شخصين من أسرة واحدة يحملان فى ذات الوقت إسما واحدا. والمسودة الموجودة فى متناول الأيدى ترجع إلى نهاية القرن التاسع الهجرى (الخامس عشر الميلادى) ويمكن من مقارنة الشذور المتبقية منها الجزم بأنها تعيد بلا تغيير يذكر مسودة سابقة عليها ترتفع فيما يغلب على الظن إلى نهاية القرن السابع الهجرى (الثالث عشر الميلادى) ؛ ومما يوكد صحة هذا الفرض أن مادتها كما يبدو من مراجعة الفهارس المعروفة لنا لا تعالج الحوادث التالية لذلك التاريخ (٦٦). أما المؤلف نفسه فلا توجد لدينا عنه أية معلومات ، ويمكن الافتراض بأنه قد ولد بمدينة سبتة كبقية أفراد أسرته وأن وجوده بجدة كان بغرض الحج. وفى إحدى مخطوطات الكتاب أضيف إلى اسم المؤلف نعت «عدل» (٦٧) مما يشير إلى أنه كان يعمل فى توثيق العقود (Notary).
أما هدف الكتاب بل وجميع طابع المعجم فإنه ينعكس بصورة واضحة فى مقدمته التى بدأها بالاستهلال البديعى المعهود فيقول :
«قال أبو عبد الله محمد بن أبى محمد عبد الله بن عبد المنعم الحميرىّ : الحمد لله الذى جعل الأرض قرارا ، وفجّر خلالها أنهارا ، وجعل لها رواسى ألزمتها استقرارا ، ومنعتها اضطرابا وانتثارا ، جعلها قسمين فيافى وبحارا ، وأودع فيها من بدائع الحكم وفنون المنافع ما بهر ظهورا وانتشارا ، وأطلع فى آفاقها