كاملة منها بالقاهرة. وفى الواقع أن هذه النسخة التى جمعها أحمد زكى باشا والتى تعتمد أساسا على مخطوطات استنبول تحتوى على ستة عشر جزءا مزدوجا وتقع فى تسعة آلاف وثمانمائة وإحدى وثمانين صفحة خطية ؛ وعلى الرغم من ضخامة هذا الحجم فإن مضمون الموسوعة أضيق بكثير من مضمون موسوعة النويرى إذ أن مادتها تقتصر على الجغرافيا والتاريخ وحدهما ؛ وينعكس هذا فى نفس العنوان الذى يذكرنا بمذهب قديم فى الجغرافيا العربية وهو «مسالك الأبصار فى ممالك الأمصار» ؛ وقد يحمل الكتاب أحيانا عنوانا مختصرا بعض الشىء ولكنه يفتقر إلى الدقة وهو «أخبار الملوك». وينقسم المصنف إلى قسمين أحدهما مكرس للأرض والآخر لسكانها من مختلف الشعوب ، وينقسم القسم الأول بدوره إلى قسمين يطلق العمرى عليهما مصطلحا لا يجرى عادة فى الاستعمال وهو «النوع» ، ولعله أراد من ذلك أن يجعله مقابلا لاستعمال النويرى للفظ «الفن». ويحمل «النوع الأول» عنوانا موجزا هو «فى ذكر المسالك» ويجب أن يؤخذ هذا العنوان بمفهومه العريض ليشمل فى الواقع الجغرافيا العامة ؛ أما الباب الأول منه فيبحث فى أبعاد الأرض و «حالها» والثانى فى الأقاليم السبعة وهنا يرد استطراد طريف بعنوان «ممالك عبّاد الصليب» الذى سنعود إلى الكلام عليه. أما الباب الثالث ففى البحار وكل ما يتعلق بها وهنا يرد ذكر «القنباص» (معرب كومباس Compass وهو البوصلة) ؛ ويبحث الباب الرابع فى القبلة والأدلة عليها ، أما الخامس ففى الطرق. هذا فيما يتعلق بالنوع الأول فإذا ما انتقلنا إلى النوع الثانى فهو يحمل أيضا اسما مقتضبا هو «فى ذكر الممالك» وينقسم إلى خمسة عشر بابا تصف على التوالى الدول والبلاد الآتى ذكرها ابتداء من الشرق فى اتجاه الغرب : الهند والسند ، ممالك بيت جنكيز خان ، الجيل (كيلان) ، الجبال ، الأتراك بالروم (آسيا الصغرى) ، مصر ومعها الشام والحجاز ، اليمن ، المسلمون بالحبشة ، السودان ، مملكة ملىّ ، جبال البربر ، أفريقيا ، مملكة بر العدوة (مراكش) ، الأندلس ، العرب البدو المعاصرين وأماكن سكناهم. والقسم الثانى من الكتاب الذى يبحث فى سكان الأرض من طوائف الأمم» ينقسم إلى خمسة أنواع ؛ أما النوع الأول منها الذى يبدو وكأنه يمثل مرحلة انتقالية فإنه يحوى مفاخرة بين المشرق والمغرب تمس الطبيعة والحيوان بل وطوائف العلماء مما يذكرنا بعض الشىء بالنمط القديم فى «الفضائل» ، أى مزايا البلدان والأشياء المختلفة ولو أنه يصوغه بالطبع فى صورة مختصرة وفى قالب أدبى. ويبحث النوع الثانى فى الديانات المختلفة بينما يبحث الثالث فى طوائف المتدينين ، أما الرابع فمكرس للتاريخ ويتضمن بابين أحدهما فى ذكر الدول التى وجدت قبل الإسلام والثانى فى ذكر الدول الكائنة فى الإسلام.
هذا هو مضمون كتاب «مسالك الأبصار» كما يعرضه المؤلف نفسه بإسهاب فى مقدمة الكتاب (الجزء الأول ، الصفحات من ٦ إلى ١٣). والحكم على حجم كل قسم من أقسام الكتاب المختلفة وكذلك البحث فى مطابقة هذا التبويب لمضمون الكتاب الواقعى أمر عسير إذ أنه لم ير النور منه حتى الآن سوى