ويحمل مصنفه الأكبر اسم «الأعلاق الخطيرة فى ذكر أمراء الشام والجزيرة» ؛ ويجب ألا تصرفنا هذه التسمية عن مادة الكتاب فهو لا يقتصر على تاريخ أمراء هاتين المنطقتين بل على العكس من ذلك نجد أن المخطوطات التى وصلت إلينا كثيرا ما تخلو تماما من الأقسام المفردة لهم إما لأنها فقدت أو أنها لم تكتب منذ البداية. والكتاب يمثل فى الواقع دراسات مستقلة ذات طابع نصف تاريخى ونصف جغرافى للمقاطعات والمدن المختلفة (١٠٠) ، الأمر الذى يقرب الكتاب أحيانا من نمط الخطط المصرية.
وعلى الرغم من أن المصنف قد عرف منذ زمن طويل إلا أن الحكم عليه كان أمرا عسيرا حتى الآونة الأخيرة ؛ وفى الواقع أن هذا لم يعد أمرا ممكنا إلا عقب اكتشاف مخطوطة الفاتيكان التى يغلب على الظن بأنها بخط يد المؤلف نفسه فهى التى مكنت كلامن كاهن Cahen (١٠١) ولودى Ledit (١٠٢) من كتابة مقاليهما عن هذا المصنف. والكتاب ينقسم إلى ثلاثة أجزاء ليس من النادر أن يتبادل الثانى والثالث منهما الأماكن ؛ هذا وقد بدأ ابن شداد العمل فيه وهو بمصر. وهو أشبه بخلاصة للوضع فى العالم العربى شرقى البحر الأبيض المتوسط قبل تحركات المغول ، وقد انتهى ابن شداد من الجزء الأول الذى أفرده لشمالى الشام فى عام ٦٧٣ ه ـ ١٢٧٤ أما الثانى المفرد لجنوبى الشام فقد أتمه عام ٦٧٤ ه ـ ١٢٧٥ بينما أنهى الجزء الثالث الخاص بالجزيرة فى عام ٦٧٥ ه ـ ١٢٧٦ (١٠٣) ؛ وعلى أية حال فإن تاريخ مسودته النهائية لا يتجاوز عام ٦٧٩ ه ـ ١٢٨٠ (١٠٤). والجزء الأول من الكتاب فى قسمين يتناول الأول منهما الكلام على منطقة حلب بينما يعالج الثانى الكلام على قنسرين والمناطق الملاصقة لها (العواصم والثغور) وحمص ؛ أما القسم الثالث الذى كان سيتناول الحديث عن أمراء حلب فلا يوجد أثر له فى المخطوطات (١٠٥). وينقسم الجزء الثانى من الكتاب إلى عدد مماثل من الأقسام فالقسم الأول منه مخصص لدمشق والثانى لمدن الشام الجنوبية وفلسطين باستثناء دمشق ، أما الثالث المفرد لأمراء دمشق فهو أيضا معدوم الأثر (١٠٦). ويوجد الجزء الثانى مستقلا بنفسه فى مخطوطة محفوظة بليدن تحت عنوان يجانبه التوفيق هو «برق الشام فى محاسن إقليم الشام» (١٠٧) ؛ وكما دلل حبيب الزيات (١٠٨) فإن هذا لا يعدو أن يكون تزييفا فريدا مرجعه فى أغلب الظن إلى أحد النساخ لأن النص لا يختلف فى الواقع عن أصل الكتاب إلا فى مختصرات ضئيلة وفى بعض التغييرات فى صيغة العبارة. والجزء الثالث المكرس للجزيرة ينقسم بدوره أيضا إلى ثلاثة أقسام وفقا لمناطق ديار مضر وديار ربيعة وديار بكر مع وصف أهم المدن الموجودة فى كل منطقة (١٠٩). وهذا التقسيم وإن كان فى جوهره متعدد الجوانب إلا أنه يغلب عليه الطابع التاريخى الجغرافى ، ويمكن أن نحكم على محتويات الكتاب حتى ولو اكتفينا بسرد سريع لعناوين تلك الفصول العشرة التى يتكون منها القسم الخاص بدمشق (١١٠) : (١) فى ذكر اشتقاق اسمها. (٢) فى ذكر من بناها وعدة أبوابها وقلعتها (٣) فى ذكر مسجدها الجامع (الجامع المعمور) (٤) فى ذكر مساجدها بباطنها وظاهرها (٥) فى ذكر المزارات بها بباطنها وظاهرها (٦) فى ذكر الخوانق والربط بباطنها وظاهرها (٧) فى ذكر المدارس (٨) فى ذكر ما بدمشق وظاهرها