فهم هشيم لكونهم يابسين كالحشيش كمن ماتوا قبل زمن بعيد ، وهشيم حيث انضمت أجزاءهم بعضها ببعض كحطب الحاطب الموضوع بعضها فوق بعض كالحظيرة. وهشيم محتضر لوقود المحتظر ، ولقد كانوا هشيما كهذا الثالوث من وقعة الصيحة المرجفة. احتضروا كوقود النار : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) (٢١ : ٩٨) والله تعالى هو المحتظر لهذا الهشيم من حظيرة الكون الواسع.
ويا لها من مصارع لكفار التاريخ ، فهنا هشيم المحتظر ، وهناك أصحاب الفيل كعصف مأكول ، وهنا لك سائر المعذبين (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ي؟.
(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ، إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ. نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ).
.. ومن جرّاء تكذيبهم ـ وأشده وأنكره ـ بلوط عليه السّلام يرسل الله عليهم حاصبا : ريحا سماوية تحمل حجارة : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) (١١ : ٨٣).
(إِلَّا آلَ لُوطٍ). (... إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ. إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ) (١٥ : ٦٠). (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) (٦٥) (إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ)(٨١).
فهذا القطع من الليل هو من سحره ، حيث العيون نائمة ، وعيون أهل الله ساهرة ، وهذه النجاة من نعم الله : (نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) : أحيانا في الدنيا وتماما في الأخرى.
وفيما إذا سألنا : فما ذا ذنب الأطفال ، غير مكلفين في أي دين ، إذ لم يستثنوا مع آل لوط الناجين؟
فالجواب : إن هلاكهم مع آبائهم الكافرين ليس لهم عذابا ، وإنما مزيد