فتقدم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وتخلف جبرئيل عليه السّلام (١) وقال : «تقدم يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم! ليس لي أن أجوز هذا المكان ولو دنوت أنملة لاحترقت» (٢).
وقد تلمح (رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) ان هناك مقاما فوق السدرة عله العرش ، أو حجب النور ، أو هما واحد (٣) فالرؤية الثانية كانت عند السدرة حين النزلة ، فهي إذا منزل هذه الرؤية ، فليكن فوقها مقام أعلى حتى ينزل منها إلى السدرة ، ولكي تتحقق الرؤية الثانية في النزلة عند السدرة ، وكما يروى عن صاحب السدرة : «فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين جل جلاله» (٤)
__________________
(١) علل الشرايع باسناده الى حبيب السجستاني قال قال أبو جعفر (ع): يا حبيب (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) يعني عندها وافى به جبرئيل حين صعد الى السماء فلما انتهى الى محل السدرة وقف جبرئيل دونها وقال : يا محمد! ...
وفي بصائر الدرجات عن الصادق (ع) حتى انتهى الى سدرة المنتهى فقالت السدرة : ما جازني مخلوق قبل.
وفي تفسير القمي إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (ع) قال : فلما انتهى به الى سدرة المنتهى تخلف عنه جبريل (ع) فقال رسول الله (ص) في هذا الموضع تخذلني؟ فقال : تقدم أمامك ، فو الله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه خلق من خلق الله قبلك فرأيت من نور ربي وحال بيني وبين السبحة ، قلت : وما السبحة جعلت فداك؟ فأومى بوجهه الى الأرض وأومى بيده الى السماء وهو يقول : جلال ربي ثلاث مرات.
أقول : على السبحة هي تنزهه تعالى عن المكان. فاللامكان حال بينه وبين ربه ، أي لم يبق فصل وحجاب إلا حجاب الذات اللامكان.
(٢) المناقب عن ابن عباس في حديث المعراج : فلما بلغ الى سدرة المنتهى وانتهى الى الحجب ...
(٣) نور الثقلين ٣ : ٩٩ عن توحيد الصدوق عن الامام موسى بن جعفر (ع) سئل : لأي علة عرج الله عز وجل نبيه الى السماء ومنها الى سدرة المنتهى ومنها الى حجب النور وخاطبه وناجاه هناك» أقول فالعرش في حديث آخر لغير عرش المعرفة ومنتهاها لغير الله.
(٤) الخصال للصدوق عن علي (ع) أن الرسول (ص) قال في وصيته له (ع): يا علي : اني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن فأنست بالنظر اليه ـ الى قوله ـ فلما انتهيت الى ـ