ان هذا الأجر ـ بخلاف الأجور المادية المثقلة المغرمة ـ انه يخفف الوطئة عمن يتخذ الى ربه سبيلا ، ويسهل له الوصول الى درب الحقيقة ومدينة العلم ، وكما تواتر عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم : «أنا مدينة العلم وعلي بابها»
ومن ثم فهل لهم مرجع يرجعون اليه ـ الى الله ـ من غير الرسول؟ :
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ)؟ وليس الغيب كله إلا عند الله ، ولا يظهر على غيبه أحدا : إلا من ارتضاه من رسول : (عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) (٧٢ : ٢٧) فمن ذا الذي يدعي أن عنده غيب الله كما عند الله ، أو إنه ممن ارتضاه الله فيظهره الله على غيبه ، فليأت بسلطان مبين؟.
أو ليس هذا ولا ذاك ، فلا حق ولا حقيقة لديهم هنا ولا هناك ، وانما :
(أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ) : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) (٣٥ : ٤٢) فالذي يمكر الله ورسل الله وأهل الله ، إنما يمكر بنفسه (وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٦ : ١٢٣) (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ) (١٤ : ٤٦).
فالكافر مكيد بكيده نفسه ، ويكيده الله بما كاد (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٨ : ٣٠) فمهما كان مكرهم عن عجز وطغيان ، فمكر الله ليس إلا جزاء وفاقا ، فمكره خير وإلى خير ، بخلاف مكرهم.
(أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)
فهم عند ما يعملون هذه الأعمال الماكرة الكافرة ، وبعد ما ثبت لهم أن الله هو الحق المبين ، فعلى م يعتمدون ، ام لهم إله غير الله يتولونه فيرد عنهم عذاب الله؟ : (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا ..) (٢١ : ٤٣)؟ ف (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) وكما تسبحه الفطرة والكون كله يسبحه عن أي ند أو شريك.
ولقد وصلت عمايتهم عن الحق ، وغوايتهم لحد يعتبرون كسف العذاب سحابا :