هذا الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وكما يقول : «نابىء آقيم لاهم مقرب إحيحم كموشه ..» أقيم لهم من أقرباء أخيهم كموسى ..» (سفر التثنية ١٨ : ١٧) (١).
ومن أفضل الحنان على مؤمني اهل الكتاب : شهود الرسالة المحمدية ، قرن شهادتهم بشهادة الله كما هنا وكما : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (١٣ : ٤٣) كعبد الله بن سلام (٢).
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ) القرآن ونبيه (مِنْ عِنْدِ اللهِ وَ) حال انكم (كَفَرْتُمْ بِهِ وَ) حال انه (شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) : شهادة وكتابا ونبيا (فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) فمن أخسر منكم واظلم (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ).
قولة فارغة لاهية أخرى من الكافرين ، كأنهم سابقون في كل خير ، فإذ سبقهم المؤمنون بالايمان فليكن شرا وإفكا قديما يؤمن به المتأخرون المسبوقون طوال التاريخ الرسالي ، ولأن هؤلاء السابقين! لم يهتدوا بهذا القرآن ، وهم المهتدون الى كل خير! فالمؤمنون هم الضالون الآفكون! : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ) (٨ : ٥٩) (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ساءَ ما يَحْكُمُونَ)(٢٩ : ٤)!.
ان السابقين الى الإيمان ـ وعلى طول الخط ـ هم الفقراء العادمون في الأكثر ، الضائعون المظلومون تحت رحمة ووطأة الأقوياء الأغنياء الجبارين ، والرسالات
__________________
(١) راجع كتابنا (رسول الإسلام).
(٢) الدر المنثور ٦ : ٣٩ ـ اخرج الترمذي وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله بن سلام قال : نزلت فيّ آيات من كتاب الله ، نزلت فيّ وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله .. ونزل فيّ (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ).