إلا من الله ، فلما ذا البخل إذا وفيم؟ وعمّا ذا البخل إذا؟ أبخلا من مال الله وفي سبيل الله : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (٥٧ : ٧) فها أنتم أنتم الفقراء ، ليست أموالكم أموالكم ، وإنما أنتم مستخلفون فيها امتحانا ، فلا تبخلوا عنها امتهانا.
(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) عن الإيمان ، أو التقوى في الإيمان ، أو الإنفاق في سبيل التقوى الإيمان (١)(يَسْتَبْدِلْ) الله بكم (قَوْماً غَيْرَكُمْ) والمخاطبون هنا في العهد المبكر المدني هم المسلمون العرب ، ف (قَوْماً غَيْرَكُمْ) علهم مسلمون من غير العرب ، وكما يروى عن نبي العجم والعرب من قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : (والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس) (٢).
(ثُمَّ لا يَكُونُوا) هؤلاء الأغيار الأبرار (أَمْثالَكُمْ) في التولي الإدبار عن الإنفاق وأمثاله في سبيل الله ، وكما هو اليوم ملموس في المسلمين الفرس ، رغم الضغوط المتواردة عليهم من السلطات ، فإنفاقاتهم ـ وحدهم ـ في سبيل إعلاء كلمة الله ، تربوا انفاقات سائر المسلمين ، وسوف يكون الأكثر نصرة لتأسيس الدولة الاسلامية زمن القائم المهدي (ع) هم رجال من فارس كما يدل عليه الأثر ، واقعا وحديثا.
__________________
(١) التولي هنا راجع الى ما ذكر في الآيتين من الإيمان والتقوى والإنفاق.
(٢) الدر المنثور ٦ : ـ اخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة قال : تلا رسول الله (ص) هذه الآية (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) فقالوا : يا رسول الله (ص)! من هؤلاء الذين ان تولينا استبدلوا بنا؟ فضرب رسول الله (ص) على منكب سلمان ثم قال : هذا وقومه ـ والذي نفسي بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس.
أقول : ويشير اليه بعض ما ورد عن أئمة اهل البيت عليهم السلام.