ومن إتباع أحسن القول ـ بعد العلم والعمل والعقيدة ـ نشره كما استمع «فيحدث به كما سمعه ولا يزيد فيه ولا ينقص منه» (١) وقد تعنيه «أحسنه» فيما عنت ، أنه أحسن الإتّباع بعد أحسن القول (٢).
هؤلاء (لَهُمُ الْبُشْرى) وهم «عباد» ببشارة بعد الأولى و (أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) بشريان بعدهما سمة العبودية (لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ) ثم الهداية الإلهية (هَداهُمُ اللهُ) ثم (أُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ).
وهذه الخمس ليست لمن سواهم ، استمعوا القول ولم يتبعوا أحسنه ، أم لم يستمعوا أمّن ذا من الخارجين عن هذه الشروطات الخمس ، وإن لم يكونوا سواء في الضلالة وسقوط الألباب.
فهذه الآية هي الوحيدة في سائر القرآن بيانا لفرض الاجتهاد والتقليد كلّ على شروطه ، يجمعهما (فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) ولا تدل آية الذكر إلّا على مطلق السؤال (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فلتقيّد بآية الأحسن ، ثم لا حاجة إلى تكلّفات عقلية ام روائية ، ضعيفة الدلالة ، متعارضة الادلة ، فإنما العلم ثلاثة كتاب وسنة ولا أدري!
والتقليد الأعمى دون حجة شرعية ، ولا سيما إذا كان خلاف الكتاب والسنة ، هو من زمرة عبادة الطاغوت ، وإن لم يكن المقلّد طاغوتا ، حيث
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٤٨٢ ح ٣٤ علي بن ابراهيم بسند عن أبي بصير قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) قول الله جل ثنائه (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) قال : هو الرجل يسمع الحديث فيحدث ... وفي نقل آخر زيادة : جاءوا به كما سمعوه ـ ذيلا ـ وهم المسلمون لآل محمد ـ صدرا.
(٢) ففي أحسنه المعنيان ـ احسن القول واحسن الاتباع مهما كان الثاني على هامش الأوّل.