(أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ)(١٠).
هنا ـ في الكون ـ أسباب عادية متعدّدة لكل متسبب بها تقتضيه لحاجات ، وهناك أسباب علمية لا تنال إلّا بالكشوف العلمية بمختلف درجاتها ، وهنالك ثالثة لا تنال إلّا بالوحي إلى رجالاته ، ثم رابعة تختص بمن له ملك السماوات والأرض.
فذو القرنين يتبع سببا وسببا وسببا من القسم الثالث بما سببها الله له في مسيرته الأرضية الكبرى ، والرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يتبع سببا سماويا يحلّق على الأفق الأعلى عند سدرة المنتهى ، عندها جنة المأوى.
وأما اسباب التكوين الخاصة بمن له ملك السماوات والأرض وبيده ملكوت كل شيء ، فلا تملّك لأحد او تخوّل.
فرعون يطلب من هامان بناء صرح (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) بكل غباوة وتخرّف!
وهنا المشركون يتحدّون بارتقاء الأسباب الخاصة بالله ، لمكان (أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أم والخاصة بتسبيب الله ، ولكي يستملكوا خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب ، ويختصوا وحيه بمن يشاءون.
أو يمنعوه عمن يشاءون (فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ) أسباب السماوات حيطة على الوحي في الملإ الأعلى ، وأسباب الأرض ، حيطة على قلوب الموحى إليهم ، وليحدّد وحي الله كما يحدّدون ، ويهبط إلى اي مهبط يحبون.
فهذه الآية وأشباهها من آيات الأسباب ترمز إلى أسباب غيبية لم تكشف البشرية عنها النقاب ، وسوف يكشف عن بعضها ، الخاصة بغير