مكث الامام المنتظر لحد الآن ـ عشرة أضعاف العمر ، لم يمكث إلا كخمسين دقيقة من مكوث يونس فتصبح سنة من مكوثه / ٩٣٣٧٠٠٠ / سنة من مكوث صاحب الأمر ، فضلا عن (يَوْمِ يُبْعَثُونَ)؟
وترى (يَوْمِ يُبْعَثُونَ) هو يوم قيامة الإحياء ، وهو الظاهر من البعث الجمعي؟ أم قيامة الإماتة؟ إذ لا بد لكل نفس من موت فكيف يلبث يونس إلى يوم الإحياء!
قد يعني (يَوْمِ يُبْعَثُونَ) مجمع اليومين فان موتهم الجمعي ليس إلا لبعثهم جميعا ، أم إن ذلك فرض وتقدير ، ولا ضير في عدم الموت لإنسان يقدر له هكذا تقدير ، ولكن (لُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) وان البدن يوم الحساب خلاصة عن هذا البدن وليس كله ، فلا بد إذا من موت حتى يبعثوا كما يناسب حياة الحساب (فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ)(١٤٥).
«العراء» هو المكان المكشوف الذي لا ستر عليه ولا ظل فيه ، والنبذ يرمز إلى رفض وترذيل كما في آياته كلها إلّا ما هي في مريم (فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) (١٩ : ٢٢).
ولكن يونس نبذ وهو ممدوح (لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ. فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) وهذه النعمة هي دوام التسبيح والاعتراف بالظلم.
ثم (وَهُوَ سَقِيمٌ) قد يعني إلى سقم الجسم سقما في الروح ، لماذا ذلك الإباق؟ ولكي لا يتأذى بحرّ الشمس :
(وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ)(١٤٦). وليكن الإنبات فور نبذه ، فإنه من إكرامه ، وفي تأخيره دون ستر بالعراء ذمّه وهو غير مذموم.
(وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ)(١٤٨).