(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِراتِ زَجْراً ٢ فَالتَّالِياتِ ذِكْراً)(٣).
أدلة ثلاثة متتاليات ، متفرعة على بعض ، صافات فزاجرات فتاليات ، تاتي مثبتة لتوحيد الله بصورة القسم وسيرة البرهان ، توحدا لهذا المثلث فيما يصفّ ويزجر ويتلو.
أترى «الصافات» هي ـ فقط ـ الملائكة : (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ. وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) (٣٧ : ١٦٦)؟ والملائكة ليسوا إناثا وإن كانوا هم من الصافين! أم هم النبيون؟ فكذلك الأمر وأحرى إلّا يصاغوا في صيغة الأناث (١)! أم إنها هي الطاقات الصافات ملائكية وبشرية أمّا هيه ، جنود ربانية مصطفّة في أماكنها السماوية والأرضية : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) ولو أن في الكون الهة متشاكسة لأصبحت مثلث الصافات في رسالاتهم التكوينية والشرعية ، متناحرة متشاكسة : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) فتناسق الصافات ووحدتها في اتجاهاتها برهان لا مرد له على وحدة الموجّه: (إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ).
فملائكة الله طاقات صافات في صفوف متراصّة على صنوفها المختلفة ، ناظرين أمره سبحانه ومنه تنزيل الوحي ، ورسل الله صافات أخرى على درجاتهم لتلقّي الوحي ثم إلقاءه على المرسل إليهم ، دونما تخلف قيد شعرة ، والطاقات الكونية كلها صافات صاغية لأمر الله في تدبير الكون مهما كانت وسائط مسيرة امّا هيه؟ ف ـ (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٤٠٠ ـ ٤ ـ القمي في الآية قال : الملائكة والأنبياء (عليهم السلام).