(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ) فيه احتمالان اثنان ، أن كان خارج المدينة خوفة من فرعون وملإه ثم دخلها فرأى ما رأى؟ أم كان القصر الملكي خارج المدينة «فلم يزل موسى عند فرعون في أكرم كرامة حتى بلغ مبلغ الرجال وكان ينكر عليه ما يتكلم به موسى من التوحيد حتى هم به فخرج موسى من عنده ودخل المدينة ..» (١).
كل محتمل والجمع أجمل ، فعلّه كان يتردد في القصر ويقول قالة التوحيد ويفعل فعلته عندهم فهمّ به فرعون حتى (دَخَلَ الْمَدِينَةَ ..) لآخر مرة ثم لم يرجع إلى فرعون إلّا بعد رجوعه من مدين رسولا ، ولقد كان من المحسنين حين كان في البلاط ، دون أي تأثر بذلك الجو المظلم الظالم ولا تربّ إلّا ربوة جسدانية (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) (٢٦ : ١٨) وعلى أية حال (دَخَلَ الْمَدِينَةَ) وهي بطبيعة الحال مصر (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) وحين الغفلة قد تلمح أنه كان ملاحقا في المدينة من قبل السلطة وعيون القصر إذ «هم به فرعون» (٢) وقد تلمح
__________________
(١) البحار ١٣ : ٢٧ عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في تفصيل القصة.
(٢) البحار ١٣ : ٣٦ بسند متصل عن سعيد بن جبير عن سيد العابدين علي بن الحسين عليهما السلام عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي عليهما السلام عن أبيه سيد الوصيين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) لما حضرت يوسف الوفاة جمع شيعته وأهل بيته فحمد الله وأثنى عليه ثم حدثهم بشدة تنالهم يقتل فيها الرجال وتشق بطون الحبالى وتذبح الأطفال حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب وهو رجل أسمر طويل ووصفه لهم بنعته فتمسكوا بذلك ووقعت الغيبة والشدة ببني إسرائيل وهم ينتظرون قيام القائم اربعمائة سنة حتى إذا بشروا بولادته ورأوا علامات ظهورته اشتدت البلوى عليهم وحمل عليهم بالخشب والحجارة وطلب الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر وتراسلوه وقالوا : كنا مع الشدة ـ