رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اسألك عن العمل فتخبرني عن العلم فقال ان العلم ينفعك معه قليل العمل وان الجهل لا ينفعك معه كثير العمل» (١).
(وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) ١٦.
«ورث» هنا لا تعني ارث النبوة ، بل هو هنا المال ، فالنبوة ليست لتورث لأنها وهبة إلهية كما هنا (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً) فالله هو الذي علم سليمان كما علم داود فلا مجال لأرثه عنه بعد ما آتاه الله ، إلّا تحصيلا لحاصل ومن غير مصدره!
فالمال يورث بما فرضه الله كضابطة لا تستثنى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ..) إرثا دون تحصيل ، ثم العلم غير الرسالي قد يورث ولكنه بتحصيل كما «العلماء ورثة الأنبياء» تعلما منهم ، ولكنهما النبوة لا تورث إذ لا تحصل بتحصيل ، وإنما هي وهبة إلهية لا تنتقل من نبي إلى نبي ، بل هي عطية ربانية لمن يشاء : (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) فطالما العلم مصداق مجازي هامشي للإرث ، فالنبوة غير داخلة في ميراث ولا مجازيا (٢) فكيف يختص هنا الإرث بالنبوة توجيها لغصب فدك
__________________
(١) تفسير روح البيان ٦ : ٣٢٦.
(٢) اللهم إلّا مجازا بعيدا وضمن سائر الميراث ، بمعنى ان الله تعالى أورث نبيا مثل النبوة السالفة ام فوقها ام دونها ، وبين النبوة والميراث عموم من وجه ، فقد يكون الابن نبيا دون أبيه أو يكون الأب نبيا دون ابنه فلا ميراث هنا وهناك أو يكون الأب والأبن نبيين ولكن النبوة الثانية ليست في الحق ارثا من الأولى إلا بمجاز بعيد عن حقيقة الإرث ومجازه القريب.
وحتى إذا عم الإرث النبوة إلى المال فليس ليختص بغير المال على أية حال.