صيغة النداء كانت تشملها كلها ، فمثلت التعبير مطوي فيها ، وفي كل مجالة من عرضها تأتي ما تناسبها من هذه الثلاث.
(وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) ١٠.
«لدي» هنا تعني لدنية القرب في القمة المعرفية الرسالية ، إذ يلقّى فيها الوحي ، لا فحسب العلم والقدرة إذ يشملان كل كائن أيا كان وأيان ، و «جان» هي الحية الصغيرة الناعمة ، فقد اهتزت عصاه بشاكلة كأنها جانّ على كبرها حية تسعى ف (وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ) خوفة منها ، فإذا بخطاب رب العزة (يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) ولقد كان من حقه أن يخاف جانّ العصا ولمّا يتقدم من ربه الأمن وألّا يخف ، إذ كانت عصاه سلاحه الذي يدفع به ، فإذا هي حية تسعى ، فلا قرار ـ إذا ـ إلّا الفرار من عصاه المقلوبة من أمنه وتأمينه إلى بأسه ، وقد ظلم نفسه من ذي قبل : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ..)!.
وترى ان «لا تخف» إخبار عن واقع يستغرق كل المرسلين قضية الرسالة وانهم «لدي»؟ فلما ذا خاف موسى هنا ـ وقد بدأت رسالته بالوحي الرسالي ـ من آيته الرسالية؟ وذلك تكذيب لما أخبر الله به (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ ..) أو تكذيب ـ لكونه رسول الله! ألأنه لم يكن «لدي»؟ وهو لدى الله في موقف الوحي الرسالي بآية من آياته! أم لم يكن حينه من المرسلين؟ وهو رسول بسند الوحي وآية الرسالة ، ام ان هذه الضابطة مخصصة في موسى؟ وهي آبية عن التخصيص! ولو خصصت فلما ذا إذا «لا تخف» سنادا إلى نفس الضابطة : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)!.
علّه داخل في المستثنى : (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) : انتقاصا قبل الرسالة :