وعنه عليه السلام : أنّه سئل عن قول الله تعالى يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال إنّ ذلك الكتاب كتاب يَمْحُوا اللهُ فيه ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ فمن ذلك الذي يردّ الدعاء القضاء وذلك الدعاء مكتوب عليه الذي يردّ به القضاء حتّى إذا صار إلى أُمُّ الْكِتابِ لم يغن الدعاء فيه شيئاً.
وفي المجمع عن النبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم : هما كتابان كتاب سوي أُمُّ الْكِتابِ يَمْحُوا اللهُ منه ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وأُمُّ الْكِتابِ لا يغيّر منه شيء وعن الصادق عليه السلام : هما أمران موقوف ومحتوم فما كان من محتوم أمضاه وما كان من موقوف فله فيه المشيَّة يقضي فيه ما يشاء.
والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام أنّه قال كان عليّ بن الحسين عليهما السلام يقول : لو لا آية في كتاب الله لحدثتكم ما يكون إلى يوم القيامة فقلت له أَية آية قال قول الله يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ومثله في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام.
وفي الكافي والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام : العلم (١) علمان فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحداً من خلقه وعلم علّمه ملائكته ورسله فما علّمه ملائكته ورسله فانّه سيكون ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله وعلم عنده مخزون يقدّم منه ما يشاء ويؤخّر ما يشاء ويثبت ما يشاء.
أقول : وربّما يعلم نادراً من علمه المخزون بعض رسله كما جاءت به الأخبار وبه يحصل التوفيق بين هذا الحديث والذي قبله وتمام تحقيق هذا المقام يطلب من كتابنَا المسمّى بالوافي في أبواب معرفة مخلوقات الله وأفعاله من الجزء الأول منه.
__________________
(١) بيانٌ وذلك لأن صورة الكائنات كلّها منتقشة في أُمُّ الْكِتابِ المسمّى باللّوح المحفوظ تارة وهو العالم العقليّ والخلق الأوّل وفي كتاب المحو والإثبات اخرى وهو العالم النّفسي والخلق الثاني وأكثر اطلاع الأنبياء والرّسل على الأوّل وهو محفوظ من المحو والإِثبات وحكمه محتوم بخلاف الثاني فانّه موقوف وفي الأول اثبات المحو في الثّاني واثبات الإثبات فيه ومحو الإثبات عند وقوع الحكم وإنشاء امر آخر فهو مقدّس عن المحو يحكم باختلاف الأمور وعواقبها مفصّلة مسطّرة بتقدير العزيز العليم «وافي».