ناصر رسوله في الدنيا والآخرة فمن كان يظنّ خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه أو جزعه فليستقص في إزالة غيظه أو جزعه بأن يفعل كما يفعله الممتلي غضباً أو المبالغ جزعاً حتى يمدّ حبلاً الى سماء بيته فيختنق من قطع إذا اختنق فان المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه أو فليمدد حبلاً الى سماء الدنيا ثمّ ليقطع به المسافة حتّى يبلغ عنانه فيجتهد في دفع نصره وقيل المراد بالنصر الرزق والضمير لمن.
والقمّيّ الظنّ في كتاب الله على وجهين ظنّ يقين وظنّ شكّ فهذا ظنّ شكّ قال من شكّ انّ الله عزّ وجلّ لم ينصر رسوله فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ أي يجعل بينه وبين الله دليلاً وقال الله تعالى ثُمَّ لْيَقْطَعْ أي يميّز والدليل على أنّ السبب هو الدليل قول الله عزّ وجل في سورة الكهف وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً أي دليلاً وقال ثُمَّ لْيَقْطَعْ أي يميز والدليل على أنّ القطع هو التميز قوله تعالى وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً امماً اي ميّزناهم فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ أي حيلته والدليل على انّ الكيد هو الحيلة قوله تعالى وكَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ أي احتلنا له حتّى حبس أخاه وقوله يحكي قول فرعون فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ أي حيلتكم قال فإذا وضع لنفسه سبباً وَمَيَّزَ دَلَّهُ على الحقّ فامّا العامّة فانّهم رووا في ذلك : انّه من لم يصدّق بما قال الله عزّ وجلّ فليلق حبلاً الى سقف البيت ثمّ ليختنق.
(١٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ أنزلنا القرآن كلّه آياتٍ بَيِّناتٍ واضحات وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي به مَنْ يُرِيدُ
(١٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ بالحكومة بينهم وإظهار المحق منهم من المبطل وجزاء كلّ ما يليق به إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ عالم به مراقب لأحواله.
(١٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ينقاد لأمره وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يأتي في بيان هذا السجود كلام في سورة النّور إن شاء الله وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ بكفره وابائه عن الطاعة والانقياد وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ.