عليه السلام : خرج أصحاب الكهف على غير معرفة ولا ميعاد فلمّا صاروا في الصحراء أخذ بعضهم على بعض العهود والمواثيق فأخذ هذا على هذا وهذا على هذا ثمّ قالوا أظهروا أمركم فأظهروه فإذا هم على امر واحد وعنه عليه السلام : انّه ذكر أصحاب الكهف فقال كانوا صيارفة كلام ولم يكونوا صيارفة دراهم.
(١٥) هؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْ لا يَأْتُونَ هلّا يأتون عَلَيْهِمْ على عبادتهم بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ ببرهان ظاهر وهو تبكيت لأنّ الإتيان بالحجّة على ذلك محال فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً بنسبة الشّرك إليه.
أقول : في هذه الآية دلالة على انّهم كانوا يسرّون الايمان وكذا فيما بعدها.
(١٦) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ خطاب بَعضهم لبَعض وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ واعتزلتم معبوديهم أو عبادتهم إلّا الله فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً ما ترتفقون به اي تنتفعون به وقرئ بفتح الميم وكسر الفاء وكان جزمهم بذلك لشدّة وثوقهم بفضل الله وقوّة يقينهم بالله.
(١٧) وَتَرَى الشَّمْسَ لو رأيتهم إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ تميل وقرئ بتشديد الزّاي وتزور بتشديد الراء كتحمرّ عَنْ كَهْفِهِمْ ولا يقع شعاعها عليهم فيؤذيهم ولعلّ الكهف كان جنوبيّاً ذاتَ الْيَمِينِ أي جهة يمين الكهف وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ تقطعهم وتصرّم عنهم ذاتَ الشِّمالِ جهة شمال الكهف وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ وهم في متّسع من الكهف يعني في وسط بحيث ينالهم برد النسيم وروح الهواء ولا يؤذيهم كرب الغار ولا حرّ الشَّمس لا في طلوعها ولا في غروبها ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ مَنْ يَهْدِ اللهُ بالتّوفيق فَهُوَ الْمُهْتَدِ ثناء عليهم وَمَنْ يُضْلِلْ من يخذله فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً من يليه ويرشده.
في التّوحيد والمعاني عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية فقال إنّ الله تبارك وتعالى يضلّ الظالمين يوم القيامة عن دار كرامته ويهدي اهل الايمان والعمل الصّالح الى جنّته كما قال الله عزّ وجلّ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ وقال إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ.