خواطركم كلّ من تدعونه في حوادثكم إِلَّا إِيَّاهُ وحده فلا ترجون هناك النّجاة إلّا من عنده وقد سبق في هذا المعنى حديث في سورة الفاتحة فَلَمَّا نَجَّاكُمْ من الغرق إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ عن التوحيد واتسعتم في كفران النعمة وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً كالتعليل للاعراض.
(٦٨) أَفَأَمِنْتُمْ أنجوتم من الغرق فأمنتم أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أن يقلّبه الله وأنتم عليه فانّ من قدر أن يهلككم في البحر بالغرق قدر أن يهلِككم في البر بالخسف وغيره وقرئ بالنون فيه وفي الأربعة التي بعده وفي ذكر الجانب تنبيه على أنّهم كما وصلوا إلى الساحل كفروا وأعرضُوا أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ريحاً تحصُب أي ترمي بالحصاة ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً يحفظكم من ذلك فانّه لا رادَّ لفعله.
(٦٩) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ في البحر تارَةً أُخْرى بتقوية دواعيكم إلى أن ترجعُوا فتركبوا البحر فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ التي لا تمرّ بشيء إلّا قصفته أي كسرته.
القمّيّ عن الباقِر عليه السلام : هي العاصف فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ بسبب اشراككم أو كفرانكم نعمة الانجاءِ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً مطالباً يتبعنا بانتصار أو صرف.
(٧٠) وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ بالعقل والنطق والصورة الحسنة والقامة المعتدلة وتدبير أمر المعاشِ والمعاد والتسلّط على ما في الأرض وتسخير سائر الحيوانات والتمكّن إلى الصناعات إلى غير ذلك ممّا لا يحصى وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ على الدوابّ والسفن وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ المستلذات وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً في الأمالي عن الصادق عليه السلام : في هذه الآية يقول فضلنا بني آدم على سائر الخلق وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ يقول على الرطب واليابس وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ يقول من طيبات الثمار كلها وَفَضَّلْناهُمْ يقول ما من دابّة ولا طائر إلّا وهي تأكل وتشرب بفيها لا ترفع بيدها إلى فيها طعاماً ولا شراباً إلّا ابن آدم فانه يرفع إلى فيه بيده طعامه فهذا من التفضيل.