فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَ فثبّته بالعصمة حتّى وطنّ نفسه على مشقة السجن وآثرها على اللّذة المتضمّنة للعصيان إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لدعاء الملتجئين إليه الْعَلِيمُ بأحوالهم وما يصلحهم.
في العلل عن السجّاد عليه السلام : وكان يوسف عليه السلام من أجمل أهل زمانه فلمَّا راهق يوسف عليه السلام راوَدَتْهُ امرأة الملك عَنْ نَفْسِهِ* فقال لها مَعاذَ اللهِ أنَا من أهل بيت لا يزنون وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ عليها وقالت لا تخف وألقت نفسها عليه فأفلت (١) منها هارباً إلى الباب ففتحه فلحقته فجذبَت قميصه من خلفه فأخرجته منه فأفلت منها يوسف عليه السلام في ثيابه وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ قال فهمّ الملك بيوسف ليعذبه فقال له يوسف وإله يعقوب ما أردت بأهلك سوءً بل هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي فسَل هذا الصّبيّ أيّنا راود صاحبه عن نفسه قال وكان عندها صبّي من أهلها زائر لها فانطق الله الصّبيّ لفصل القضاء فقال أيّها الملك أنظر إلى قميص يوسف فان كان مقدوداً من قدّامه فهو الذي راودها وإن كان مقدوداً من خلفه فهي الّتي راودته فلما سمع الملك كلام الصّبيّ وما اقتص أفزعه ذلك فزعاً شديداً فجيء بالقميص فنظر إليه فلمَّا رآه مقدوداً من خلفه قال لها إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ وقال ل يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا ولا يسمعه منك أحد واكتمه قال فلم يكتمه يوسف وأذاعه في المدينة حتّى قلن نسوة منهنّ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ فبلغها ذلك ف أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ وهيأت لهنّ طعاماً ومجلساً ثمّ أتتهنّ بأترج وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً ثم قالَتِ ليوسف اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ ما قلن فقالت لهنّ هذا الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ تعني في حبّه وخرجن النسوة من عندها فأرسلت كلّ واحدة منهنّ إلى يوسف سرّاً من صواحبها تسأله الزيارة فأبى
__________________
وجد في نفسه من الشّهوة وعلم انه لو لا لطف الله لارتكب القبيح وعلم انّ الله سبحانه يعصم أنبيائه بالألطاف وانّ من لا يكون له لطف لا يبعثه الله نبيّاً م ن.
(١) التفلّت والإفلات التخلّص يقال أفلت الطائر وغيره افلاتاً إذا تخلّص وفلت الطّائر فلتاً من باب ضرب لغة م.