فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٤٠).
لقد تعلق بآية الغار هذه متعلقون كثير بين موجبين لفضيلة غالية ل «صاحبه في الغار» لحدّ يسملون عليه في زيارتهم إياه ب «السلام عليك يا صاحب الغار» تثبيتا مبيّتا لصحبته الوحيدة بين صحابة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك النص الجلي والقص العلي ، وكأنه هو صاحبه دون من سواه ، وآخرين سالبين عنه أية فضيلة مائلين إلى أن آية الغار عار على صاحب الغار دون افتخار ، موغلين إياه في الكفار.
ولكلّ ـ على ضوء المذهبية آراء ، علينا أن نرفضها ، ثم نقرض على ضوء الآية ما قصه الله ، سواء أكان لصاحبه في الغار أم عليه.
ذلك ومن قالات الموجبين ما ينقله صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه ويرد عليه رأسا على عقب (١) ، ومن مقالات السالبين الثالبين
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٢٠ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى سعد بن عبد الله القمي عن الحجة القائم (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه (عليه السلام): يا سعد! وحين ادّعى خصمك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما أخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلى الغار إلا علمنا منه أن الخلافة له من بعده وانه هو المقلّد أمور التأويل والملقى إليه أزمة الأمة وعليه المعول في لم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود وتسرية الجيوش لفتح بلاد الكفر ، فلما اشفق على نبوته اشفق على خلافته وإذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدة من غيره إلى مكان يستخفي فيه ـ
وإنما أبات عليا (عليه السلام) على فراشه لما لم يكترث له ولم يحفل به لاستثقاله إياه وعلمه انه أن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها! ـ فهلا نقضت دعواه بقولك : أليس قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم ، وكان لا يجد بدا من قوله لك : بلى ، قلت له حينئذ : أليس كما علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الخلافة من بعده لأبي بكر ، أنها من بعد أبي بكر لعمر ومن بعد عمر لعثمان ومن بعد عثمان لعلي (عليه السلام) ، فكان أيضا لا يجد بدا ـ