(لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(١٢٨).
«كم» هنا تعني كافة المؤمنين بمن معهم من سائر الناس المخاطبين بالقرآن ، وهنا مواصفات خمس لهذا الرسول تشجّع على إتباعه :
(رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) فلو كان الرسول إلى الناس من غير الناس لكان في ترك اتباعه عذرا (١) ف (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فهو من أنفس الناس بشرا مثلهم (٢) ثم هو من أنفس الناس فإنه من أنفس وأنفس المؤمنين وكما يروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : «إذا أراد الله أن يبعث نبيا نظر إلى خير أهل الأرض قبيلة فيبعث خيرها رجلا» (٣).
أجل إنه «من أنفسكم» ومن أنفسكم ، فقد نسب نفسه بسلسلة الآباء إلى نزار ثم
قال : «وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرهما فأخرجت من بين أبوي فلم يصبني شيء من عهد الجاهلية ، وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لون آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نفسا وخيركم أبا»
فقد تعني «من أنفسكم» من جنس أنفسكم وخلقكم إنسانا كما أنتم لتكونوا إليه أسكن ، وإلى القبول منه أمكن ، ثم واعتبارا بمنطلق دعوته تعني من قبيلكم وعشيرتكم ، ومن ثم اعتبارا بصالح شخصه تعني من
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٩٤ ـ أخرج ابن مردويه عن أنس قال : قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام) يا رسول الله ما معنى «أنفسكم» فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنا أنفسكم نسبا وصهرا وحسبا ليس في ولأخي آبائي من لدن آدم سفاح كلها نكاح.
(٢) المصدر أخرج بن سعد عن قتادة قال : ذكر لنا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ...
(٣) المصدر أخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن أنس قال : خطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : أنا محمد بن عبد الله ... وفيه أخرج ابن سعد والبخاري والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت فيه.