فحين لا يجب الجهاد فقد يبقى راجحا ، فإن بإمكان الضعيف على ضعفه والمريض على مرضه والفقير على فقره ، بإمكانهم الجهاد قدر وسعهم ، أم ـ ولأقل تقدير ـ أن يكثّروا عديد المجاهدين في المنظر ، فإن له أثرا في تخويف العدو ، فلذلك قد يجب خروجهم كما في الاستنفار العام وقد مضى (١).
ثم ونفي الحرج عن هؤلاء مشروط بما (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) إحسانا إلى الجهاد وتقوية للمجاهدين ، وليس فقط أن يسكتوا عن تفشيلهم وتفليلهم فتقليلهم فإنه كفر في حقل الجهاد ، بل (إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) نصحا موجها إلى المجاهدين ، تقوية لهم وتشويقا ، أم توجيها لتكتيكات حربية ، أم حفاظا على أهليهم وما أشبه من حذمات وراء الجبهة ، ونصحا للخاملين المعذّرين دون عذر ، أن يتسابقوا إلى جبهات النضال.
فحين يعذر المؤمن ويخرج أن يجاهد بنفسه وماله ، فلا يعذر ـ إذا ـ عن سائر الجهاد المعني بالنصحية لصالح المجاهدين والجهاد ، توجيها وجيها كما يستطيعون لتقوية العدد والعدد في هذه السبيل.
فهؤلاء هم المحسنون في حقل الجهاد ، غير المحرجين قضية إعذارهم للخروج (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) الإحراج للإخراج (وَاللهُ غَفُورٌ) لهم (رَحِيمٌ) بهم ، إذ لم يقصّروا في الجهاد مهما تركوا راجحا في سبيله.
ولقد بلغت النصيحة لله ولرسوله لحد يقول عنها الرسول (صلى الله
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٢٥٢ في أصول الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : وكذلك إذا نظرت في جميع الأشياء لم تجد أحدا في ضيق ولم تجد أحدا إلا ولله عليه الحجة ولله فيه المشية ولا أقول أنهم ما شاؤا صنعوا ثم قال : «إن الله يهدي ويضل ، وقال : وما أمروا إلا بدون سعتهم ، وكل شيء أمر الناس فهم يسعون له وكل شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم ولكن الناس لا خير فيهم ثم تلا : (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ ...) فوضع عنهم (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (وَلا عَلَى الَّذِينَ ..) فوضع عنهم لأنهم لا يجدون.